| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الخميس 23/10/ 2008


 
التعامل مع اغتيال الشخصيات.. جريمة لا تغفر واخرى فيها نظر !!!

علي عرمش شوكت

كثر في الاونة الاخيرة اغتيال الشخصيات والرموز الوطنية والثقافية ، وقد كان معظمها قد سجل ضد مجهول ، غير ان الوقائع المحيطة ببعض تلك الجرائم كانت تشير الى امكانية وصول العدالة الى القتلة ، وغالباً ما يتقدم من الناس الذين كانوا صدفة بالقرب من مكان حصول الجريمة ليدلون بالمعلومات المؤشرة على هذه القرينة اوتلك العلامة التي من الممكن ان تتحول الى دليل لو احسن التعامل معها بمهنية امنية عالية وحرص في اداء الواجب ، ولنأخذ مثلاً قضية اغتيال ابناء النائب مثال الالوسي التي توفرت كافة الادلة الدامغة وحتى تم تشخيص المجرمين بالاسماء الا ان التحقيق تعثر وجرى التباطؤ في ملاحقة المجرمين ، مما ادى الى افلاتهم من وجه العدالة .
نسوق هذا المثل بمناسبة الكشف عن الذين دبروا عملية اغتيال النائب الصدري صالح العكيلي الذي تم بوقت قياسي نسبة الى سابقاتها ، ان هذا الانجاز الامني المتقدم والذي تثمن علية الاجهزة الامنية ، الا نه بقدر ما افرحنا فقد ترك المرارة واثار لدينا حالة اللوم للجهات الامنية التي لم نشهدها تتصرف هكذا في جرائم الاغتيالات المماثلة السابقة ، وهي كثيرة ولا نذهب بعيداً فنذكر منها واقربها عملية اغتيال الشخصية الوطنية والرمز الثقافي ، الشهيد كامل شياع مستشار وزير الثقافة ، الذي اغتيل غدراً وفي وضح النهار ولايبعد مكان الحادث عن تواجد دوريات الشرطة ، ولم يتم التعامل مع هذه الجريمة باهتمام وبمهنية مناسبة ، الامر الذي ادى الى تسجيلها ضد فاعل مجهول ، في حين جرت عملية اغتيال الشهيد النائب صالح العكيلي في مكان منعزل نسبياً ، غير ان التحقيق الجدي و المهني والاوامر المشددة من قبل الاجهزة الامنية قد ادى الى كشف المجرمين ، علماً قد حصل ذلك من خلال قرينة عائمة في شارع فرعي والمتمثلة بمجرد العثورعلى اثر لعجلة دراجة { ماتورسايكل } .
لم تكن هذه القرينة البسيطة التي اوصلت المحقيقين الى الادلة القاطعة وبالتالي الى القبض على المجرمين لولا التعامل معها بمهنية وحرص في اداء الواجب القانوني والوطني تجاه هذه القضية ، وهنا يتبين بجلاء ان السبب وراء افلات المجرمين من العدالة ، ليس بضعف الكفاءة لدى رجال الشرطة والامن ، وانما العلة تكمن بعدم الجدية والقناعة بملاحقة القتلة فيما يخص القضايا المماثلة الاخرى التي مازالت مسجلة ضد مجهولين ، فالجرائم التي تم الكشف عن مدبريها كان يجري التعامل معها بمهنية عالية وقناعة في ملاحقة الفاعلين ، وليس هنا مجالا لتعليل ذلك ولكن ما نريد الاشارة اليه هو اختلاف آلية وجدية العمل الامني في القضايا المشار اليها ، وذلك ما يفضح المستور في عدم التعامل باهتمام ومساواة بين قضايا الاغتيالات الشخصيات السياسية ، وثمة دوافع تكشف عن حالها وحتى عن شخوصها ممن يتحملون مسؤولية ادارة هذا الجهاز الامني او ذاك ، و من المناسب القول ان الامور تجري وفق قاعدة - جريمة فيها نظر وجريمة مماثلة اخرى لاتغتفر !! - ، ويتم ذلك وفق اهمية الحالة حسب رؤية المسؤولين في الاجهزة المنية المعنية ، وتتجلى اولاً : يلاحظ ان القضية التي يتم الوصول الى الجناة فيها بسرعة قياسية ربما يكون المسؤول المعني في التحقيق ملزماً شخصياً قبل التزامه الرسمي والقانوني بالكشف عن الفاعلين وثانياً : في بعض الحالات التي تسجل ضد فاعل مجهول وهي كثيرة ،يكون التزام المسؤول المكلف بالقانون متداعياً امام عدم قناعته في البحث والتحري وذلك بفعل اختلاف سياسي ، او استجابة لاجندة ما استغل لجعلها فوق عهدته القانونية ، مما يجعله شاء ام لم يشئ اقرب الى الجاني من الضحية .
ان اغتيالات الشخصيات السياسية والعلمية والثقافية الوطنية اخذت تتزايد في الاونة الاخيرة وشاهدنا على ذلك استهداف وزير العمل صبيحة هذا اليوم ، وبخاصة بعد ان انكفأت جبهات الارهاب وتحسن الامن واخذت العملية السياسية تشق طريقها ، ومن المتوقع ان تتصاعد هذه الاعمال الاجرامية اليائسة في ظل اجواء الخلافات الحاصلة في الصف الوطني على اثر طرح قانون انتخابات مجالس المحافظات ، ووصول الاتفاقية الامنية المزمع ابرامها بين العراق والولايات المتحدة الامريكية الى نهاية مطافها ، وهذان الامران بالذات يشكلان عاملين دافعين في ازدياد عمليات الاغتيالات للشخصيات السياسية الوطنية ، اما دوافعها فهي اولاً : خلق حالة من الاحباط وتبديد الانفراج الذي حصل في الوضع الامني ، ثانياً : نشر الفوضى لكونها تشكل المناخ المناسب للتخريب والفساد وتعطيل التقدم في عملية البناء ، ثالثا : محاولة ضاغطة لجعل الوضع السياسي العراقي طيعاً لتمرير اجندات يراد فرضها على شعبنا من الخارج .
وتجدر الاشارة الى ان هذه المنافذ الخطرة قد سبق وان حذرت منها الحكومة ، وكذلك القوى السياسية الوطنية وبخاصة المجروحة بفقدانها بعض شخصياتها غدراً ، وما تقدم من مؤشرات قد رسمت لوحة دراماتيكية في المشهد السياسية العراقي ، وانها تستدعي التعامل معها بمسؤولية وطنية حذرة ، واذا ما تكررت اعمال الاغتيالات وطالت شخصيات ورموز سياسية اخرى لاسيما اذا ما سُجلت الجرائم مرة اخرى ضد فاعل مجهول ، فحينها لابد من تحديد المسؤوليات ، فلا يمكن ان تبقى الاسوار الامنية مثلومة ومخترقة الى الحد الذي يطال قلب قوى العملية السياسية ، ومن غير المعقول ان تبقى بعض الاجهزة الامنية تتعامل بمعايير مزدوجة مع جرائم متشابهة ، ان ذلك سيبدد شعور المواطنين بالامن الذي صنع بالتضحيات والجهود والخطط الامنية ، ومن غير المناسب ان تصل الامور الى هذا المستوى في الوقت الذي يتصاعد الادعاء بالقدرة على تسلم الملفات الامنية ، كما ويجري السعي لاقناع الولايات المتحدة والعالم بضرورة سحب القوات المحتلة من البلاد ، اعتماداً على توفر الكفاءة الذاتية ، فاين هذه من تلك ؟ .




 

free web counter