| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الخميس 21/1/ 2010



 الخلافات الداخلية وتسارع التدخل الخارجي

علي عرمش شوكت
 
هذا ما وصلت اليه اوساط العملية السياسية في العراق ، فالخلافات هي الصفة الغالبة ، وما عداها فليس له ملامح يمكن تلمسها وتحديد صفته ، اللهم الا ذلك الذي خضع للمحاصصة وفَلت من دائرة الخلافات ، اما اليوم و بنزول قوائم الكتل السياسية الى مضمار التسابق والمنافسة الانتخابية فقد اضحى حتى الذي لم يختلف عليه في الفترة الماضية موضع خلاف ، وربما اشد حدة من غيره ، فعلى سبيل المثال وليس الحصر كانت بعض القوى السياسية مشتركة في العملية السياسة وهي معروفة تماماً بخلفياتها السياسية والايدلوجية ونزعتها المعارضة لاسقاط النظام السابق وهي لاتخفي ذلك ، وبين الفينة والفينة تجاهر به بالترحم عليه وبالرجاء لعودته ، بيد انها كانت موضع قبول كشريك في الحكم والعملية السياسية عموماً ، ولكن اليوم قد غدا الموقف منها مختلفاً حيث قطع طريق المشاركة عليها ، بالاجتثاث اذ منعت من ان تطرح نفسها امام الرأي العام العراقي ليحدد موقفه منها اي عبر صناديق الاقتراع .

واذا ما استند اصحاب الموقف الرافض لمشاركة هذه القوى السياسية على احكام الدستور ، ووفقاً له تم الاجتثاث تطبيقاً لهذه الاحكام ، اذاً اين كانوا من المشاركة السابقة طيلة الفترة الماضية ؟، الا يعتبر ذلك مخالفة صريحة للدستور وتستحق الجزاء القانوني ايضاً ؟ ، اي شمول القابلين بالمشاركة بالامس بقرار الاجتثاث بعتبارهم قد خالفوا الدستور ؟ ، بغية ايقاف التعامل بمعايير مزدوجة في ما يخص تطبيقات القوانين ، نحن هنا لسنا بوارد الدفاع عن المجتثين طالما بقوا مرتهنين الى البعث الصدامي ونظامه البغيض ، لقد اعتبر وجود قوى مازالت مشدودة الى النظام السابق ضمن العملية السياسية من قبيل المصالحة الوطنية ، هكذا كان تفسير ابناء شعبنا الذين اكتوا بنار الدكتاتورية ، وكان من المؤمل ان تنسلخ هذه العناصر شيئاً فشيئاً عن ارتباطاتها بالبعث الصدامي ، وتنصهر في بوتقة القوى الديمقراطية نحو اعادة بناء العراق الديمقراطي الجديد ، طالما فسح لها المجال رحباً في المشاركة السياسية .

ان ما يثار حوله الجدل ، هو اولاً ، مدى مشروعية الاجراءات التي صدرت بحق المبعدين عن المشاركة بالانتخابات القادمة ، لكونها صدرت من قبل هيئة غير مصادق عليها في البرلمان ، وهذا ما يدعو الى التنبيه من خطورة التلاعب في التطبيقات القانونية حسب الامزجة ومقتضيات المصالح الخاصة ، التي تبشر بنهج لا يمت للديمقراطية بشيء ، وثانياً ، القلق من المضي في اختراع صيغ قانونية لاقصاء الاخر ، بهدف تقليص التعددية الذي يفضي لامحال الى الاستفراد بالحكم والعودة الى الدكتاتورية ، ويمكن الاشارة هنا الى كيفية اصدار وتعديل قانون الانتخابات الجائر ، ألم يشعر المعنيون بان هذا التصرف قد اثار خلافات ليست في وقتها المناسب وليس من السهل تلافي عواقبها ، والتي ستعرقل العملية الانتخابية ؟ ، وما يدل على ذلك بكل جلاء هو العجز والتسمر امام المشكلة ، مما فسح المجال لقوى خارجية ( الولايات المتحدة الامريكية ) لفرض نفسها طرفاً مقرراً في حل خلافات داخلية عراقية كان ينبغي حلها بصيغة بينية .

ويبدو ان اثارة الخلافات قد غدت وسيلة فاعلة لاخفاء مخالفات ما ، ونهتدي بذلك الى حقيقة شاخصة في الوضع العراقي وهي التمسك المستميت بمواقع السلطة ، وما نتج عن ذلك من تداعيات فساد وخرق للقوانين ونكث بالوعود الانتخابية ، قد خلق تطيراً لدى البعض الحاكم ، سيما وانه يقترب من اجراء الانتخابات العامة التي ستقرر مستقبله ، للحد الذي صار فيه لايرى مخرجاً غير اثارة الخلافات والتطويح بالاخر ، كل ذلك يجري دون ان يدرك المتناحرون بان خلافاتهم هذه تعجل في ازاحتهم عن مواقع القرار ، لان الجماهير ليست بقطيع لا تميّز الصالح من الطالح ، كما ان الخلافات تعطي الضوء الاخضر للارهاب واعداء الوضع الجديد في العراق لايقاف عجلة البديل الديمقراطي .

الكتل الحاكمة المتنفذة تعلم بان اثارة الخلافات من شأنها تعجيز العملية السياسية الذي بدوره يؤجل خروج قوات الاحتلال من البلاد ، الا انها تمضي خلافاتها والبعض يفتعلها عمداً وقصداً ، وهنا يصبح التساؤل عن المغزى الحقيقي من وراء لهذه الخلافات وارداً، ان البعض المتابعين للشأن العراقي يحسب هذه الاثارة مقصودة وبدوافع اجندة خارجية ، اذ ان تأجيل خروج القوات الامريكية يؤجل بدوره الضربة الاسرائيلية المزمعة لايران ، والسبب حسب الرواية الشائعة في هذه الايام بأن اي هجوم على المفاعلات النووية الايرانية ستقوم قوات هذا البلد باحتجاز الجنود الامريكان المتواجدين في العراق ، وهذا ما نوهت عنه صحيفة هيآرتس الاسرائيلية قبل اسابيع ، ويقال ان تسارع التدخل الخارجي الغربي لمعالجة الخلافات الداخلية العراقية له ارتباط مباشر في هذه الرواية والعهدة على الراوي .









 

free web counter