| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأحد 20/7/ 2008



الراصد

 مضاربات في بورصة العملية السياسية

علي عرمش شوكت 

خرجت العملية السياسية من غرفة العناية الفائقة بعد علاجات صولة الفرسان ، وام الربيعين ، وغيرهما ، وبوصولها الى هذه المرحلة من المعافاة قد خلقت مقاربات من طراز جديد بين مكوناتها التي سبق ان تباينت مسافات التلاحم المطلوب مع بعضها ، الامر الذي يعطي انطباعاً للوهلة الاولى بان سماكة اللحمة الوطنية ستكون درعا واقية من مفخخات الارهابيين وتفكك كيان الدولة العراقية نهباً من قبل الطامعين ، غير ان البعض من مكونات العملية السياسية ذاتها بدأ يلوح بتفجير قنابل موقوتة سيفجرها وذلك برفع سقف اسهمه تبعاً لقاعدة المحاصصة ، وفي سياق متصل يبدو ما حققته { صولة الفرسان } قد عجزت عنه عدة صولات برلمانية عن تحقيق الاجماع على اقرار عدد من القوانين الهامة والملحة وفي مقدمتها قانون انتخابات مجالس المحافظات ، الذي غدا معلقاً وربما لم يسلم من الاغتصاب ، هذا وناهيكم عن عدم القدرة على تطبيق او تعديل بعض مواد الدستور الخلافية ، لكونها تتصل بحقوق ، يراها كل من اصحابها بأنها هي الاولى بالانجاز من غيرها ، مع انها ليست ذات طابع وطني اي بمعنى انها فئوية ومحدودة ، ولكن تبقى كل واحدة من تلك الحقوق المنوه عنها تمثل حجر زاوية سيكون تأثيرها شاملاً سلباً ام ايجاباً ، وذلك حسب ما سيطرأ عليه من تضخيم او اضعاف .
ان ما هو مطلوب للتخلص من ذيول الازمة وقطع الطريق على من يريد الامساك بخيوط من شأنها ان تتحول الى حبال لسحب الاوضاع الى الوراء بغية نسف جسور التقدم الحاصل ، هو تخليص الخلافات الداخلية التي تحصل في العملية السياسية من عللها العرقية والطائفية ، فحينها ستتوفر قدرة فوق اللازمة للحلول المطلوبة ، وفي مطلق الاحوال ستبقى المصلحة الوطنية هي الاجدر بالتحقيق ، وهي في ذات الوقت ستكون كفيلة ببعث الاطمئنان لدى الكيانات الوطنية المختلفة بأن ضمان المصلحة العامة سيعوضها عن مصالحها الفئوية قطعاً ، وذلك بحكم ما سيحصل من قناعة لدى المواطنين بمختلف انتماءاتهم بأن بسط السيادة و تحقيق العدالة الاجتماعية واعتماد معيار المواطنة بدلاً من المحاصصة المقيتة ، هي ذاتها التي ستحقق تطلعاتهم الفئوية والعامة على حد سواء ، غير ان هذا الامر مرهون بوجود زعامات وطنية لم ولن تسعى في سبيل بناء حصونها الحزبية والشخصية المنيعة على حساب جماهيرها التي مازالت تعيش في عراء حياتي شامل ، ومن المفيد ان نشير الى ما يجري اليوم من مضاربات سياسية داخل الكيانات والتهالك على زيادة اسهمها وما يجنى من فوائد ، اذ حسب تصورهم أن العملية السياسية ما هي الا بورصة يمكن ان تشترى او تباع المواقف السياسية داخلها ، مما يؤدي في واقع الحال الى تحويل المشاركة في هذه { العملية } من غايتها الاساسية اي اعادة بناء الدولة وتحرير الوطن وعادة كرامة المواطن العراقي وقطع دابر الفساد ، الى تقاسم الوطن حتى وان كان في حالة موت سريري ، فحينها يمكن بيع اعضاء جسمه للطامعين وهم كثر دون ريب .
بدأ تراكم ما ينجز في الوضع الامني والاقتصادي يخلق بعض المقدمات الضرورية للتغيير في البنية الاجتماعية المخربة الى درجة صفرية ، غير ان المسار السياسي الذي لم يتجاوز اثار مصائب الماضي ويغص بنفس المعارضة الطاغي على سلوك حتى الذين في حاضرة الحكم ، ظل عائقاً بل بمثابة ثقب الفأر الذي سيهدم السد اذا لم يردم قبل فوات الاوان ، الا ان مهب الريح هذا لم يحسب لمخاطره اي حساب ، مع انه احد المناصب الاربع الذي لا تتعافى العملية السياسية في العراق دون تفعيله ، وجعله يأخذ مكان الصدارة بين المسارات الاُخر الاقتصادية والامنية والاجتماعية ، بحكم كونه هو الذي يكفل توحيد الصف الوطني الذي بدوره هو الاخر سيكون بمثابة مركب العبور نحو شاطئ الاستقرار والتطور والمصالحة الوطنية ، وعليه تغدو المضاربات السياسية والتزاحم لزيادة الحصص عبارة عن ناسفات على الطريق اعادة بناء الدولة والمجتمع ، لاسيما وان الحكومة العراقية بحاجة ماسة لحشد الجهد الوطني لدعمها في مفاوضاتها مع الجانب الامريكي في سبيل رسم خارطة للخروج من كارثة الاحتلال وتبعاته .


 

free web counter