| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

                                                                              الأربعاء 19/10/ 2011

 

قضية علم في متن ازمة حكم

علي عرمش شوكت

    غدا، كما يبدو، لعب اوراق الضغط والمناورات السياسية، وربما الدسائس "المستوردة"، هو السائد، بل الفاعل والمؤثر في الوضع السياسي العراقي. ان كل ما يظهر للعيان جلياً لا يعدو عن كونه بعض افرازات الازمة السياسية المهلكة التي تعيشها الكتل الحاكمة منذ سقوط النظام المقبور في 2003، وكلما امتد الزمن بعمر هذا النمط من قواعد اللعبة السياسية المشهورة بـ " المحاصصة الطائفية والعرقية"، كلما اشتدت الخلافات بفعل غياب المرجعيات الدستورية العادلة الملزمة. فلا احد يرى او يستوعب شراكة الاخر معه في السلطة، مع انه يعلم قبل غيره انه من دون الآخر سوف لن يتمكن من " التسلط ". ولا احد يتصور انه سيغادر مكانه في موقع القرار يوماً ما. ولهذا يستأسد على الاخرين، ولا يترك لغيره سوى عظام الفريسة، اذا جاز هذا التعبير.

            الازمة الراهنة وصلت الى منعطفاتها الحرجة، وهي في توالي التصعيد، ومن معالمها البارزة هو بقاء الاتفاقات التي حصلت بين الاطراف المعنية مجرد عناوين مفرغة من اية مضامين تأخذ طريقها للتطبيق على الواقع. وهذا اتفاق اربيل على  سبيل المثال وليس الحصر، ظل عنواناً مقطوعاً من النسب الى عوامل قيامه، كما بقى السعي لتطبيقه من طرف واحد ولكن دون جدوى، الامر الذي يدفع هذه الجهات لاعتماد وسائل اخرى اجرائية حتى وان كانت غير دستورية، ظناً منها بانها مبررة، وذلك بالتوازي مع حالة النكوث بالاتفاقيات من قبل الطرف الاخر. مثال على ذلك رفع العلم الكردي على المبان الرسمية في خانقين البلدة التابعة ادارياً الى الحكومة المركزية، وهذا اذا ما عنى شيئاً فيعني الشروع بتطبيق المطاليب التي تضمنها اتفاق اربيل من طرف واحد، لكون الطرف الاخر تراجع عن الوفاء بتعهداته ازاءها. وبهذا لا تفسير لذلك سوى انها اوراق ضغط سيدفع ثمنها المواطن العراقي .

            ومع كون خطوة رفع "العلم الكردستاني"  بانها غير دستورية، فانها تاتي تماثلاً مع خطوات اتخذت من الاطراف الاخرى ليست دستورية ايضاً، لسنا بصدد تعدادها هنا. وبما ان نظام الحكم قائم على المحاصصة، فالطرف الكردي ربما يرى ما قام به هي حصته من خرق الدستور طالما يخرقه الاخرون، كما ان العلم الكردي قد غدا مستقلاً تماماً عن العلم العراقي، وذلك لكون الاخير ظل لا يمثل كافة الاطياف العراقيةعامة والكردية خاصة، بمعنى انه لم يكن على غرار علم ثورة 14 تموز 1958 الذي وضع فيه الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم الخنجر الكردي متعانقاً مع السيف العربي، فضلاً عن الشمس الاشورية التي تمثل العراق بتأريخه العريق. هذا وناهيك عن وضع السنبلة والعجلة كتمثيل للعمال والفلاحين. فماذا يمثل العلم الحالي ؟. ولكن بالرغم من ذلك فان ما يلام عليه المسؤولين الاكراد هو ذلك النزق السياسي الذي جعلهم سرعان ما يبادرون الى انزال العلم العراقي من فوق المباني الحكومية في محافظة دهوك.

            وتأتي ازمة العلم الكردي عالقة في متن ازمة الحكم، لتزيدها تعقيداً وتدهوراً، وسوف لن تتوقف مثل هذه الازمات "المفرّخة"عن الازمة العامة في البلد. ويبدو ان قادة الحكم يجدون فيها ملاذاً من حكم المسؤولية التي تلقي عليهم اعباء حل المشاكل العويصة التي يعاني منها الشعب العراقي،كما انهم يجدونها كوسيلة لاثارة زوابع سياسية يشكل غبارها تعتيماً على ما هو حاصل من انعدام الكفاءات لادارة مؤسسة حكم، هذه المؤهلات التي يفترض وجودها من ان تكون كفيلة ببناء دولة مؤسسات مدنية ديمقراطية للعراق الجديد، وينبغي الا ننسى استكمل السيادة الوطنية التي ظلت مقيدة بالمصالح الحزبية والفئوية المعمدة بالمحاصصة الطائفية والعرقية المقيتة المنتجة للازمة الحالية.

 

free web counter