| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

                                                                              الأربعاء 18/5/ 2011



 العودة الى الشعب

علي عرمش شوكت
 
تسخر الساحة السياسية العراقية بالعديد من مظاهر التناحر والتازم وبخاصة بين مكونات الطبقة الحاكمة ، ولكن ما يلوح في افق هذا الصرع الى جانب احتمالات اخرى هو العودة الى المربع الاول اي اعادة الانتخابات، التي جاءت نتائجها الاخيرة وهي تنطوي على الغام سياسية خطيرة، لكونها لم تستند على اسس دستورية او قانونية مشروعة، وتمت تركيبة آليتها على قاعدة المحاصصة، وكان ابرز معالم عدم شرعيتها هو التلاعب في قانون الانتخابات.

ومع ان الذين قصدوا بتلاعبهم هذا الاستفراد بالعملية السياسية وعزل الاحزاب ذات القوة التصويتة الضعيفة، وعلى حد اجابة فواد معصوم حول سؤال عن اسباب تغيير قانون الانتخابات قال بالنص " بانهم ارادوا عزل الاحزاب الصغيرة "، ولكن في النتيجة قد خسرت كافة الكتل لبعض مقاعدها من جراء ذلك التلاعب، وحسب اعترافاتهم  .
و كان المتضرر الاكبر من تلك اللعبة القذرة هو الحزب الشيوعي العراقي، وان تلك الخسارة بطابعها الاعم قد اصابت العملية السياسية بعلة قاتلة، لم تمهلها كثيراً حتى اصابتها بالتازم الخطير، وحصل ذلك بفعل فقدانها لعنصر التوازن الضروري ( الحزب الشيوعي ) بين المتصارعين المتحاصصين المجبولين بالفساد والاستحواذ وذات النسب السياسي العرقي والطائفي التسلطي، وان هذه العلة الخبيثة لا تفضي عاجلاً ام اجلاً الا الى التصارع والتناحر والفشل الشامل،
وبالرغم من ان الحزب الشيوعي لم يحصل على موقع في البرلمان بفضل ذلك التجاوز الدستوري الا انه سلك سياسة التروي الواثقة، ولم يثر ضجة او مشاكل من شانها تعطيل سير العملية السياسية مع انها اتسمت بجنوح خطير لا لبس فيه عن المسار الدستوري ، ولكن الحزب لم يتوقف عند تشخيص الخلل والتوجهات الضارة للكتل الفائزة، وانما وضع سبل العلاجات الضرورية ، والتي اجملها باعادة الانتخابات التي يسبقها اعادة صياغة قانونها المنتهك.

لم يمض وقت طويل الا وكانت المحكمة الدستورية تتلامس مع تشخيصات الحزب الشيوعي العراقي، وتقرر الغاء تلك الانتهاكات التي جرت على قانون الانتخابات، كما اعقب ذلك الاستعصاء في تشكيل الحكومة كاول افراز منطقي لنتائج المحاصصة وكما توقعها الحزب تماماً، وفي بداية الامر واخذ البعض سياسية الحزب الداعية الى اعادة الانتخابات معتبرها غير واقعية، وانها انفعالية كنتيجة لعدم حصوله على تمثيل في البرلمان، ولكن في كل يوم كان المشهد السياسي يؤشر الى مظهر من مظاهر التداعي والتدهور مما جعل تمسك الكتل السياسية بهذه التشكيلة المختلة المتداعية، شبيه بالقبض على كرة الجمر، والتي من جانبها الاخر صارت ككرة الثلج المتدهورة الى عمق الهاوية حيث انها تكبر كلما تدحرجت.

اليوم تنتصب سياسة الحزب الشيوعي العراقي بكل جدارة في ان تكون مرشداً لمعالجة الاوضاع السياسية في البلد، ويعيد التاكيد عليها بدعوة سكرتير اللجنة المركزية للحزب، حيث اختصرها بقوله" العودة الى الشعب" و من كان يرى هذه الدعوة عبارة عن ردود فعل لنتائج الانتخابات غدا يتبناها بعلم او بدون علم، وها هي الكتلة العراقية تهدد باعادة الانتخابات، وتتزايد معها كتلة دولة القانون التي راح زعيمها المالكي يهرب الى الامام ويطرح الغاء البرلمان واسقاط الحكومة واعادة الانتخابات. بعد فشلت كافة محاولات الترميم، وكان اخر محاولة مبادرة البرزاني في اربيل ومهلة المئة يوم التي فند الحزب اي تعويل عليها.

ولم يفت قيادة الحزب اخر ما يعتمل في الوضع السياسي، حيث اخذت تطلق مرة تلو الاخرى وعلى لسان بعض اعضاء المكتب السياسي، رؤيتها لمعالجة وجهاً من اوجه التداعي، الذي تعاني منه العملية السياسية، وذلك بالنقد المباشر للكتل المتناحرة، كما وتاتي مشاركته في المظاهرات المطلبية لتزيده قرباً من الجماهير وهمومها، اذ تجلى في مسيرة الاول من ايار من اتساع عديدها الملفت للنظر، فصار من البساطة بمكان ان نتلمس خصائص منهج التحليل الماركسي العلمي الذي تعتمده قيادة الحزب الشيوعي في الاستقراء والتحليل والاستنتاج ومن ثم وضع المعالجات، وبذلك تكتسب سياسة الحزب عن وجه حق ان تكون مرشداً لانقاذ البلد من الضياع الذي وضعته فيه الكتل المتسلطة المتصارعة.

ومن نافل القول ان الحزب الشيوعي العراقي قد بات اقرب من غيره من القوى السياسية على مسك زمام المبادرة في طرح الحلول الناجعة للخروج من الازمة المستعصية في البلد، لاسيما وانه قد حدد مواقفه بكل وضوح من المعضلات التي تواجه العراق، ابتداءاً من التعامل مع الاحتلال ومروراً بمعالجة الفساد والارهاب والمحاصصة والخدمات والامور الحياتية الاخرى وغيرها.





 

free web counter