| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأربعاء 18/6/ 2008



الراصد

وداعاً للسلاح

علي عرمش شوكت 

قفز في الذهن هذا العنوان عندما شاهدنا على شاشة التلفاز العراقي صورة الكدس الضخم من السلاح الذي تخلى عنه حاملوه في مدينة العمارة على اثر الحملة العسكرية لتنظيف المدينة من الخارجين عن القانون ، وما يعزز هذا هو ان الكميات الضخمة التي عرضت قد اشير اليها كونها جمعت بدون قتال ، وكانت نتيجة لجولة اولية وسلمت طوعاً ، وهنا لابد لنا من ان نعتذر سلفا الى الكاتب الامريكي - ارنست همنغواي - كاتب رواية ( وداعاً للسلاح ) لااننا استعرنا عنوان روايته ، غير ان الواقع الذي حصل في هذه المدينة العراقية الجنوبية قد املى علينا ذلك ، ومن المؤلم والمؤسف ان يتزامن مع ذلك عرض صورة اخرى عن مدينة الحرية البغدادية لاكداس من القتلى والجرحى بسلاح قذر وبأيدي قذرة مأجورة ، فهل ان حادثة مدينة الحرية محاولة لتبديد الانجاز الامني الذي حققته القوات المسلحة العراقية في مدينة العمارة ؟ نعم ان ذلك ما هو الا ضربات في الخطوط الخلفية كما يسمى باللغة العسكرية ، ويعني قطعا ان هذه القوى المجرمة سوف لن تودع السلاح الا اذا ودعت الحياة ، لكونها لا يروق لها العيش دون ممارست الادمان على القتل والسلب والارهاب .
جاءت حملة ( بشائر السلام ) في محافظة ميسان لفرض القانون عن طريق حصر السلاح بيد الدولة ، وليس خافيا على احد ان السلاح يتسرب على الدوام عبر الحدود ، فالعبرة ليس في جمع السلاح ، انما في جمع المجرمين وحبس انفاسهم ، لان الخارجين عن القانون سوف لن يكفوا عن هذا الخروج طالما ظلوا طلقاءاً ، هذا من ناحية ولكن من الناحية الاخرى والاكثر خطورة والتي ينبغي التصدي لها وطمرها كمنبع لوباء الارهاب ، هي مصادر التمويل ومعسكرات التدريب والاعداد على ارتكاب الجرائم المنتشرة على طول الحدود شرقاً وغرباً ، فلو احصينا ما جمعته السلطات العراقية من سلاح خلال الخمس سنوات الماضيات لكان يساوي سلاح دولة في اقل تقدير ، غير ان تواصل السيطرة على الاسلحة من قبل القوات الامنية العراقي وبكميات كبيرة وبنوعيات متطورة وبتصنيع حديث يقدم دلائل اكيدة على تواصل تدفق السلاح الى المنظمات الارهابية ، فهل ستحصل القناعة لدى المواطن العراقي بان الحملات التي تقتصر على جمع الاسلحة واحياناً تكون مقابل دفع اثمانها ويرافقها ( عفا الله عما سلف ) على طريقة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم التي ادت الى قتله على يد من عفا عنهم ، هل ستجعل هذه المجموعات تقول ودعاً للسلاح ؟ نتمى ذلك وان كانت هذه الامنية تبدو لاتحظى بنصيب وافر من التحقق على ارض الوقع .
كانت ( صولة الفرسان ) في محافظة البصرة قد انهت وجود الخارجين عن القانون في المحافظة ، لكونها قد زامنت بين حصر السلاح بيد الدولة وبين حصر المجرمين تحت قبضة السلطات ، غير ان البعض من المطلوبين امنياُ قد افلت وظل يشكل خطرا اينما حل ، وقد ذكر بعض اهالي مدينة العمارة عندما تكلم في الفضائية العراقية بان اجانب من خارج المحافظة قد تجمعوا فيها وهم يحملون السلاح ، وهذه صورة تبدو غير مرئية لاعادة انتشار الخارجين عن القانون ، وهي جزء من تكتيكاتهم والتي تجيز التضحية بالسلاح مقابل الحفاظ على العنصر البشري الذي سيبقى جاهزاً لامتشاق السلاح المتوفر في اي مكان وزمان وعبر الحدود وفي السراديب والمقابر ، وبذلك ستفرغ حملات الحكومة من مضمونها اذا ما اقتصرت على حصر السلاح بل شراء السلاح من اؤلئك ، وبذلك جعل الفارين من الحملات العسكرية امام امتحان صعب يقوم بين التخلص من اعمالهم الارهابية المحاصرة حكومياً ، وبين اغراءات الانخراط مجدداً في هذه الاعمال المتوفرة دوماً ، والتي تدفعهم اليها الحاجة والعوز والبطالة وعتمة المستقبل امامهم .
وداعاً للسلاح ، هذا العنوان .. أليس بامكان الحكومة تحويله الى هدف وتوفر له كافة المغريات التي تفوق مغريات الخروج عن القانون ، مما يقنع المسلحين للحد الذي يجعلهم يؤمنون به ويودعون السلاح قولاً وفعلاً ؟ ، ومعلوماً ان الاغلبية الساحقة من هؤلاء الذين يحملون السلاح تدفعهم حاجة الاعتياش في اقل تقدير ، فضلاً عن الافاق الحياتية والمستقبلية المظلمة امامهم ، وهذا جوهر الامر بصرف النظر عن الشعارات السياسية لمقاومة الاحتلال ، وان ما يدعو للاعتقاد بهذا التفسير هي التجربة التي حصلت مع مجاميع اخرى كانت من اشد المسلحين على التمسك بالاسلوب المسلح وكان شعار مقاومة الاحتلال هو المتصدر لاجندتهم ، ولكن حينما فتحت امامهم الفرص الحياتية والسياسية اداروا فوهات بنادقهم الى من بقى متشبثاً بالاعمال الارهابية وبخاصة الذين التحقوا بالقاعدة ، بيد ان فارقاً هاماً ميزهم وهو انهم لم يودعوا اسلحتهم بل حولوها لحماية العملية السياسية ، واخيراً وليس آخراً نقول اما ايصال هؤلاء الى ان يقولوا ( وداعاً للسلاح ) وتوفير كافة المستلزمات للانخراطهم في الحياة السياسية ، واما ( اهلاً للسلاح ) الذي يحمي التجربة السياسية الديمقراطية العراقية .








 

free web counter