| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأربعاء 17/2/ 2010



 اذا ما كان الناخب مرتشياً فما شيمة النائب الراشي ؟

علي عرمش شوكت
 
الرشوة في اي مجال كانت هي وسيلة الراشي لتمرير امر محظور ، ويتعاطاها عادة المهربون والمحتالون للتجاوز على القوانين المرعية ، ولكن سائل يسأل ماذا يبغي المرشح الراشي ؟ ، اليس يرى في نفسه كونه غير جدير لوظيفة عضو البرلمان باعين الناخبين ، لذلك يلجأ الى تغيير النظرة المتأتية من واقع حاله ومستوى آهليته المتدني في هذا الميدان ، سالكاً طريق شراء الذمم اي الاصوات الفاسدة بغية الوصول بوسائل مزورة ، وهنا ينكشف هذا المرشح على حقيقته كونه غير امين على تطبيق القانون في اقل تقدير ، وانه يريد الوصول الى غايته بخداع الناخب الجاهل طبعاً و اختلاس صوته ، وان هذا الانموذج السيء لايمكن ان يكون مخلصاً واميناً على وديعة شعبه خلال الاربع سنوات القادمة اي فترة الدورة البرلمانية الجديدة ،

اما الناخب الذي يبيع صوته فسيكون مطلوباً لعدالة شعبه اذ انه قد تصرف بحقه الانتخابي بصورة مخالفة لقواعد المواطنة ، التي تفرض عليه الا يستخدمه الا للصالح العام ، ومن زاوية اخرى يكون قد ساهم في تضليل شعبه بمشاركته المأجورة لدعم فوز مفسد ، وايصاله الى قمة السلطة التشريعية ، ويحسب تصرفه هذا سلوكاً مخادعاً يتقارن مع سلوك مهرب المحظورات ، وان هذا المستوى الرخيص سيفرغ صوت الناخب من شرعيته واعتباراته الاخلاقية ، وبناءً على هذه الاسس لايبقى لصوت الناخب ( السلعة ) اية قيمة دستورية ، وعليه يصبح عزل المرشح الذي يضبط متلبساً في جريمة شراء اصوات المغفلين ضرورة لا مناص منها ، لكونه يحاول شراء ذمم رخيصة ويستخدمها للتسلق الى مواقع السلطة العليا ، ان التصرف يتشابه الى حد بعيد مع تصرف اؤلئك الذين يستحوذون على الاملاك العامة عن طريق النصب والاحتيال .

ومن خلال التجربة الديمقراطية القصيرة في البلاد قد عرف المواطنون جيداً بان النائب الذي يصل الى قبة البرلمان بواسطة عربة الاصوات المأجورة سيقطع صلته بناخبيه ، لكونه لم يعدهم بشيء ما عدا ذلك الثمن الذي اشترى به اصواتهم قبيل الانتخابات ، ومن جانبهم اي الناخبين المرتشين ليسوا بآبهين بما يفعله هذا المرشح ، اذ ان (المقاولة) التي تمت بين الطرفين لايسري مفعولها الى ما بعد الانتخابات ، لكون الناخب المرتشي يخشى من فشل المرشح الراشي ، ان يفيق ويطالبه باسترجاع مقدار الرشوة ، كما ان المرشح هو الاخر يخشى كشف المستور في حالة فوزه من ابتزاز صاحب الصوت المشترى بالمال العام على الاغلب او انه قد حصل عليه المرشح كرشوة كبرى من جهة دولية اواقليمية  .

كل ذلك يحصل بفعل انعدام الوعي السياسي والانتخابي والجهل بالممارسة الديمقراطية ،وهنا تدفع القوى التي غير قادرة على التنافس من خلال برامجها السياسية الى تكريس هذا الواقع المرير الذي لا يكون الفرز فيه سهلاً ، لكون هذه القوى الطفيلية لا تتمكن من البقاء اوالفوز بالانتخابات النزيهة ، اما المرجع الاساس والدافع لهذا السلوك الانتخابي الخارج عن نص العملية الانتخابية ، هو وفرة المال السياسي الملوّث وغير المتعوب في الحصول عليه وبخاصة من لدن الكتل الكبيرة الحاكمة ، هذا وناهيك عن فاعلية الاجندات الاقليمية التي تتنوع اشكال اساليب اختراقاتها لمفاصل العملية السياسية التي ظلت تمشي بخطوة الى الامام وخطوتين الى الوراء ، وهذه نتيجة طبيعية للفساد الانتخابي المستشري في الوضع السياسي العراقي .

ان المفارقة التي اشد غرابة لدى المواطنين هي حصول الفساد الانتخابي لدى الكتل الكبيرة المتنفذة وصاحبة السطوة والمال التي اكتسبتها بعد وثوبها الى سدة الحكم ، وهذا اذا ما دل على شيء انما يدل على شعور هذه الكتل السياسية التي لم تتمكن من التلامس مع حاجات المواطنين وتحقيقها بانها قد فشلت ولن تتمكن من اقناع الجماهير بمجرد اعادة ادعاءاتها السابقة وفي ذات الوقت تفتقر الى حد القاع لاية قدرة على ادارة الدولة وعملية اعادة بنائها ، ولم تجد امامها سوى سلوك الشوارع الخلفية التي عادة ما يكون فيها جواز المرور المعتمد هو المال الوسخ ، فهل تنجح هذه المرة بعد ان تبين الصالح من الطالح خلال الاربع سنوات الماضية .









 

free web counter