| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

 

 الثلاثاء 17 / 4 / 2007

 

 

اغتيال جسر اغتيالا للتاريخ


علي عرمش شوكت


يوجد في بغداد جسر الشهداء ، وبعده بجسر اصبح جسر اخر( شهيدا )، حيث تم اغتياله ، حاله حال ابناء الشعب العراقي الذين لايعلمون في اية ساعة يتحولون الى شهداء ، في حالة الشعب غدا حزننا مثل زادنا اليومي ، ولكن عندما كسر ظهرالجسرتحول حزننا الى ألم ومرارة وحسرة ، وعندما تقطعت اوصاله شعر محبوه بتقطع قلب تاريخ بغداد ، لقد سبق ان قطع النظام الدكتاتوري اذرع هذا الجسرالتي كانت تحتضن خصر العاصمة من شرقها ومن غربها ، كان حينها جسر الصرافية يجود و بشهامة اهله (البغادلة ) ليقدم اجزاءا من جسده لمعالجة اصابات اقرانه جسور بغداد الجريحة الاخرى ، بسبب حروب نظام صدام .
هكذا نشأ هذا الجسر وكعادة العراقيين والبغدادين يطلقون على عزيزهم عدة اسماء ، فسمي بجسر القطار، وسمي بجسرالحديدي، وسمي بجسر الصرافية ،وسمي بجسر العيواضية، وسمي بجسر العطفية ، لانه كان يعد في حينه تحفة حضارية وكان اطول جسرفي زمانه ، واول جسر في العراق يعبر فوقه القطار ، وفي هذه الجزئية تحديدا ذكرني صديقي العزيز الاستاذ كامل كرم حينما كنت احدثه عن ذكرياتي مع هذا الجسر لمواساة نفسي، بان سواق القطارات قد امتنعوا خوفا عند اكتماله عن تعبير القطار على الجسر من صوب الكرخ الى صوب الرصافة ، ولكن اخوين من ابناء الكرد الفيلية وهما مجيد وامين ، تقدما لقيادة وتعبير القطار الى الصوب الاخر، وقد انتشر صيتهما آنذاك في كل بغداد لا بل في كل العراق .
كان الجسر مكانا لمتعة اهالي بغداد من الرصافيين والكرخيين على حد سواء، فكانت تنصب بالقرب منه الجراديغ( الشاليهات ) في فصل الصيف وتحديدا على شاطئ العطيفية في الكرخ ، اذ يغدو ذلك المكان وكأنه نادي رياضي ، حيث تجرى المسابقات الرياضية في السباحة والمصارعة بحضور المصارع المعروف عدنان القيسي وبطل العالم في المصارعة عباس الديك وغيرهم ، وكان ذلك يتم تحت ظلال الجسرالجميل .
وتحت هذه الظلال ايضا تعلمنا السباحة عندما كنا اطفالا من سكنة منطقة العطيفية، وكان اخوتنا الكبار لايعتبروننا قد تعلمنا السباحة الا عندما نصل الى اول دعامة من دعامات الجسر سباحة دون مساعدة احدهم ، وهنالك العديد من الذكريات التي لن تمحى مع هذا الجسر الشهيد، ياحسرتي والف حسرة عليه.
لايخطرعلى بال اي عراقي بان احدا من ابناء وطننا يجرؤ على اغتيال جسر الصرافية ، بهذا الاسلوب الحاقد والكاره للعراق ولتاريخه ، ومن المؤكد ان الذي قام بهذا الفعل الشنيع ليس من ابناء العراق، الا اذا قد باع نفسه لاعداء هذا الوطن العزيز
لان الذي قام بهذا العمل الاجرامي لم يكن يقصد قطع الطرق امام جحافل الغزاة كما كانت تفعل المقاومات الوطنية في العالم ، انما اراد قطع سبل عيش الناس وتخريب المعالم الحضارية والثقافية في العراق ، وما ادل على ذلك من اغتيال شارع المتنبي وقتل طلاب العلم بالجملة في الجامعة المستنصرية وغيرها ومسلسل اغتيال العلماء العراقيين .
كان على هذا الجسر حماية في عام 1957 وقبل هذاالتاريخ وبعده لان الجسر كان يستخدمه الملك فيصل في الذهاب والاياب في طريقه الى البلاط الملكي ، ومما هو في الذاكرة ، ان احد كبار السن في منطقة العطيفية حذر بعض الشباب عندما كانوا يعلقون يافطة على واجهة الجسر بعد يومين من قيام ثورة تموز عام 1958 المجيدة من عواقب عملهم ذلك ،لان هذا المكان محروس من الرجال السريين ، ويقصد رجال الامن ، فتصوروا كيف كانت حراسة الجسر قبل مايقارب من خمسين عاما وكيف هي الان ؟ ،اذا لماذا يهمل بلا حراسة كالمال السائب الذي يشجع على السرقة ، والصوص كثر فقد نسفوه وسرقوا جماله لانهم ارادوا ان يقولوا للعراقيين سوف لن نبقي لكم معلما حضاريا عراقيا ، طالما سنبني ( الامارة الاسلامية )
ان كل العراقيين مدعون اليوم لابداء لفتة الوفاء لجسرالصرافية الذي طالما عبرمن فوقه اباؤهم واحتمال اجدادهم واعزاؤهم ، ليبقى شامخا وعزيزا ومحميا من دنس وتخريب الارهابيين الاجانب وادواتهم المأجورين ، لانقرأ الفاتحة على روح جسر الصافية وانما نصلي من اجل نهوضه بهيا معافا كشعبه الابي .