| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الثلاثاء 17/2/ 2009


 
 رهانات لا تتمتع بنصيب وافر

علي عرمش شوكت

تواجه حكومة المالكي استقطابات حادة في اوساط النخب السياسية المشاركة فيها ، مما يعرض مسيرتها الى مختلف احتمالات الاهتزازات والتصدعات ، ولسنا هنا بصدد البحث عن قوارب النجاة لركاب مركب الحكومة ، انما هاجس التداعيات المتوقعة والخشية من احتمال الرجوع الى ادنى من نقطة الصفر ، هو الذي يدفع الى ضرورة العمل على تفكيك الالتباسات الحاصلة في الوضع السياسي بغية تحديد المسؤوليات عما سيحصل من تطورات خطيرة غير مستبعدة ، ان ما تقذفه الكتل السياسية من حمم التصريحات اللا مسؤولة باتجاه اسقاط الحكومة وحل مجلس النواب ينبغي ان لا يتوقع عاقل بأنه سيسلم احد من شظاياه ، فهو دون ريب حاصل صراع مصالح خاصة ضيقة ، وفي ظل ذلك من الطبيعي ان تتنحّى جانباً المصالح الوطنية مما يجعل المشتركات بين مختلف هذه الاطراف المعنية في حالة غياب .

ليس بامكان احد اعتبار تخندق الكتل الكبيرة عملاً يصب في مصلحة الشعب العراقي ، ولا تفسير لتلك التكتلات غير انها تعبير عن اهداف طائفية سياسية واثنية انعزالية ، غايتها الاستئثار بالسلطة حتى التخمة ، وجوهرها لايمت الى المصلحة العامة بأية صلة ، ولهذا ليس من المستبعد تماماً ان تحصل المقامرة والتضحية بالديمقراطية وبالعملية السياسية التي مع كونها في حقيقة الامرتشكل مرتعاً فردوسياً لذات القوى المتصدية ، في حين ان بعض القوى السياسية المساندة انطلاقاً من حرصها على مصالح الشعب والوطن ما زالت تعاني من العزل والتمييز ، وهذا يشكل عطباً خطيراً لعصب التوازن في معادلة الوضع العراقي ، وكما يبدو ان مداهمة المخاطر لايتم تلمسها الا في حالة الاختناق اي بعد فوات الاوان ، ونقصد هنا تلمس كافة قوى العملية السياسية متصدية اومساندة على حد سواء .

و جاءت نتائج انتخابات مجالس المحافظات لتسفر عن حقيقة متبلورة لعلها تعكس صيرورة توازن قوى جديد على الارض ، لأن ذلك لو تكامل سيضع اكثر من عصا في دواليب المقامرات السياسية التي تجري حول مستقبل العراق وبناء البديل الديمقراطي ، ليس من المتوقع ان يحصل زلزال يلغي نهم الدناصورات السياسية ويمنعها من الاستمرار بالقضم المتواصل لهياكل الدولة وحقوق الناس تحت راية المحاصصة الخفاقة ، انما المؤمل ظهور فرز سياسي لعله يشكل كتفاً متيناً سيقوّم العملية السياسية ويحملها الى بر الامان ، الا ان المراهنات وربما تصل الى حد الدسائس التي عادة ما تكون خارقة حتى الى ما نطق به الدستور وبنى له من متاريس للذود عن هذه المسيرة الديمقراطية ، كانت وما زالت قواعد اللعبة السياسية تحكمها اصوات الناخبين العراقيين ، غير ان هذه الاصوات تنقطع عن اصلها وتفقد وزنها للاسف الشديد بعيد الفرز بقليل ، ولايبقى منها غير الانين ، ولا يُعرف اصحابها حتى بمجرد الذكر او الاشارة ، وعلى الاغلب تُحول من قبل المستحوذين عليها الى سلاح للتقاتل حول المكاسب والحصص .

تسود المشهد السياسي العراقي حالة من الترقب ، وفي فترة حلول الانتخابات ومن ثم رحيلها ، كان من المؤمل ان تنتهي الحالة هذه ، غير ان الذي طفح على اثرها كان نزقاً سياسياً يصل الى حد التهديد باسقاط الحكومة وحل مجلس النواب ، مسنوداً بتبرير مفاده ان دفة الحكم غدت تدار بانفراد ، وبين حقيقة هذا الادعاء وجدية التهديد فرض الموقف الوطني الحكيم والحكم نفسه ، والذي أكد على ان المشاركة في القرار من قبل اطراف العملية السياسية هي القاعدة { الاستثناء } التي لاتقبل الاستثناء ، اما لغة التهديد فهي الاستثناء التي لايمكن ان تكون قاعدة في الحياة الديمقراطية ، ولهذا تبقى المراهنات ليس لها نصيب في الواقع ، ولا تقوى على الخروج عن دائرة المناورات السياسية .
 

free web counter