| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الثلاثاء 16/10/ 2007



الاقاليم و المصالحة .. خارطة بلا احداثيات !!

علي عرمش شوكت

كل صراع ومهما كان لاينتهي الا بأنتصار احد اطرافه على الاخر، او المساومة بين الطرفين بتقاسم ما جرى الصراع من اجله ، لايختلف عاقلان في تحديد طبيعة الصراع في العراق ، فهو سياسي و يدور حول السلطة تحديدا ، فهل يعقل ان تتم المصالحة ولايتم تقاسم للغنيمة ( السلطة ) بين المتصارعين ؟ ، ولهذا يتحتم على راسمي خارطة المصالحة ان يؤكدوا على احداثيات البعد والقربب من مواقع القرار لكل الاطراف ذات العلاقة ، اي الاوساط المتصارعة المتصالحة ، كما لابد ان تسبق بالضرورة هذه القاعدة مقدمات لامناص منها ، وتأتي في مقدمتها عملية مسح للعقبات الخلافية بغية تسويتها تمهيدا لطريق نحو غاية الوصول الى الحل المشترك اي الى نهاية الصراع ، بل وتصفية كل ما من شأنه ان يثير الخلاف مستقبلا والا سيكون اي اتفاق في مهب الريح .
لقد غرفنا الكثير من الافكار والمشاريع التي غطت مساحة الحراك السياسي العراقي وحتى غير العراقي الذي يسعى للمصالحة بأعتبارها هي مفتاح الحل للازمة العراقية ، ومنها مشاريع ديمقراطية رائدة للحل مثل مشروع الحزب الشيوعي العراقي لمعالجة الازمة، وغيره من مشاريع الاحزاب والقوى الوطنية الاخرى ، مما جعل الساعين لها يتعلقون بأمل لايرونه بعيدا ،غير ان الرياح تجري بالاتجاه المعاكس ، فكلما تقدمت الجهود خطوة نحو الهدف المنشود ظهرت عقبة جديدة ، وليس مجالا هنا للتأشير على تلك المعرقلات بيد ان ومن الواجب ان نذكر ونسمي اخطر تحرك لوأد المصالحة وهي لم تر النور بعد ، الا وهو رفع شعار الاقاليم الطائيفية المرفوض شعبيا ، فهو يبقى امرا خلافيا ومهما اطلق عليه من تسميات تحسن من حقيقته، لان واقع حال التناسب السكاني الطائفي في مختلف محافظات البلاد سوف لن يجعله غير ان يكون طائفيا واثنيا شاء الداعون اليه ام ابوا.
ان نظام الاقاليم لم تغير من جوهره التقسيمي تسميته بالفدرالية جزافا ، فمن المعروف بأن الفدرالية هي اتحاد لمجموعات عرقية وثقافية مختلفة تعيش في نطاق اقليمي واحد وجعلها تعيش في اطار دولة فدرالية موحدة ، وهذا ما تم مع اقليم كردستان الذي كان شبه منفصل عن الدولة العراقية منذ عام 1991 فألتحق بعد سقوط النظام عام 2003 ليشكل الفدرالية ، فضلا عن التركيبة العرقية والجغرافية المتميزة لسكان هذا الاقليم من ابناء شعبنا الكردي ، اما الدعوة الى انشاء اقاليم من شأنها تمزيق الشعب العراقي المتجانس عرقيا وحتى ثقافيا في الوسط والجنوب ما هي الا عملية ناسفة للمصالحة ولحل الازمة في البلد ، لكون موضوع الاقاليم هو من ابرز الامور الخلافية في المعضلة العراقية واكثرها تعقيدا ، ورغم وجود مرجعية دستورية له الا ان تلك مازالت مطروحة على بساط البحث والتعديل في سياق مراجعة الدستور ذاته ، في حين يتم الاعتراض على ممارسة حكومة اقليم كردستان لنصوص دستورية تتعلق بقانون النفط والغاز لكونها لم تحسم بعد ، ولكن الداعين الى تطبيق قانون الاقاليم يتجاهلون هذه الحقيقة بل ويوغلون في تخطيها وعدم الاكتراث بعواقبها واثارها المدمرة وبخاصة مايتعلق في موضوع المصالحة المنشودة ، وليست مفهومة الدعوة الى هذا المشروع الذي يقسم البلد الى كيانات شبه منفصلة وفي ذات الوقت يدعون الى الوحدة الوطنية في اطار العملية السياسية الجارية ! ، فالسير في هذا المنزلق السياسي الخطير لا يحبط فقط الجهود الساعية الى المصالحة فحسب، وانما يكبح حتى العملية السياسية ولايؤدي الى تعزيزها ولا يتوقع ان يشجع من يختلف معها على الالتحاق بها ، هذا وناهيك عن تغذية وتعميق الخلافات التي من شأنها تجذير الازمة ورفع ثمن فاتورة الدم التي يدفعها شعبنا المبتلى باحتلال دولي واقليمي ظالم ، ومن حق المواطنين العراقيين ان يتساءلوا عن خلفيات هذه الدعوات التي تخلو من الحرص على وحدة الشعب والوطن ، فهل هي منطلقة من اجندات دولية و اقليمية طامعة ام هي منبعثة عن جهل او عن عشو سياسي قاتل ، واذا كانت هذه الدعوة تستهدف قطع الطريق على عودة الدكتاتورية والاستبداد ، فما هو الضمان لعدم وجود دكتاتور في كل اقليم مستبدا ومتسترا بجبة دينية اوطائفية ؟ ، ولاغرابة ان يأتي دكتاتور عن طريق الانتخابات في ظل الجهل المطبق للممارسة الديمقراطية والهوس الطائفي و التخلف الثقافي ، وبخاصة في مجال حقوق الانسان، وغياب دولة المؤسسات، وبالامكان التذكير بأن هتلر اشهر مستبد في التاريخ قد جاء عبر الانتخابات ، وحصل على اغلب اصوات الشعب الالماني الذي حوله الى اداة لعدوانه على الشعوب الاخرى وبالتالي جعل المانيا عرضة للهتك والتمزيق .
فلا حل للمعضلة العراقية من خلال التقسيم والاقاليم ، ولكن الحكم اللامركزي المعزز بالمصالحة ، والديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية ، ودولة الموسسات والقوانين، وحقوق الانسان، والفدرالية للشعب الكردي ، والعدالة الاجتماعية على قاعدة المساواة والمشاركة بين ابناء الشعب العراقي هي الحل وهي الضمان الاكيد .


 


 

free web counter