| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الثلاثاء 15/4/ 2008



الراصد

 المليشيات ... الرحيل الاخير الى الآخرة

علي عرمش شوكت 

جاء قرار رئيس الوزراء بحل المليشيات كشرط للمشاركة السياسية بمثابة اللمسة الاخيرة لاستكمال لوحة العملية السياسية التي ينبغي ان تكون جديرة باعادة بناء الدولة العراقية الديمقراطية الفدرالية الجديدة ، وفي ذات الوقت كانت الكشف الاخير عن ملامح شخصية الرجل المسؤول الوطني المتجاوز للقيود الطائفية والعرقية ، مما دعا المختلفين قبل المتفقين معه بالتمني على المالكي بالتوفيق والتقدم والثبات على هذا النهج الصادق الحريص ، فهي خطوة منتظرة ومطلوبة ، وكانت كلماته قد اسفرت عن شعوره الصادق بضرورة القيام بهذه الخطوة ، التي جسدت تلك الحكمة التي تقول ( اعبر النهر طالما ما زال ضيقا ) ، وقد اصبح ابناء شعبنا يراقبون ويقرأون بتبحر ترجمة اقوال رئيس الوزراء وكيف تتحول الى واقع ملموس على لوحة المشهد العراقي ، وعليه فان ما يجري من ملاحقة للمليشيات الخارجة عن القانون يعتبر الاختبار الاخير لمصداقية الاجراءات الحكومية لقطع دابر الفوضى التي عمت البلاد وما زالت تعبث بمقدرات العراق شعبا ووطنا وثروات وسيادة .
غالبا ما تظهر المليشيات بسبب غياب القانون وتحديدا غياب قوات الامن الرسمية من جيش و شرطة واجهزة امنية ، او في حالة الحروب الاهلية ، ولكن في ظل النجاحات في المجال الامني والتقدم الحاصل في بناء القوات المسلحة بصرف النظر عن طبيعة هذا البناء ، يصبح وجود المليشيات من الامور المحرمة والخارجة عن القانون ، وكان من المسؤولية الوطنية ان تبدأ مكافحة هذه الفوضى الامنية ليس بالدعوات او القرارات ومن اية جهة كانت صدرت ، وانما من خلال اصدار قوانين ملزمة من قبل الجهة التشريعية ( مجلس النواب ) تحرم وتجرم المليشيات والانتماء اليها ، لكون القرارات ربما لا يأبه بها البعض وكذلك المجرمين حيث يعتبرونها ليس ذات تأثير قانوني يجرم اعمالهم المسلحة وهي من صنع اشخاص ليس الا ، وبالتالي لاتقوى على كبح جماحهم او تمردهم المسلح ، فالقوانين وبخاصة التي لها سند دستوري تنعدم فيها الثغرات التي ينفذ منها المجرمون ، كما ان القوانين ولاسيما تلك التي تقترن باحكام قضائية ستشكل حائلا ورادعا دون انخراط البسطاء في طريق الاجرام ، وعليه غدا ملحا اصدار القوانين التي تحرم المليشيات ، فهي تحتل مكانة متقدمة في لائحة ما تأمله الجماهير من خطوات لاحقة ومكملة من الحكومة ومجلس النواب .
وتظهر المليشيات المسلحة كرديف للجيش الوطني في حالة الحرب مع دول اخرى ، بل وتأخذ على عاتقها اغلب ما يتطلبه الامن الداخلي ، اي انها تصبح كظهير امين يساعد الاهالي حتى في تسهيل سبل الحياة اليومية ، وتبقى دائما رهن توجهات الجهات الرسمية الوطنية ، ولا يستمر بقاؤها اكثر من حدود حاجة الدولة اليها ، حيث تحل باول امر حكومي يصدر بحلها ، وهنا يمكن ان نذكر تجربة ( المقاومة الشعبية ) في عام 1959 على اثر ثورة 14 تموز المجيدة ، حيث تشكلت المقاومة الشعبية كرديف للقوات المسلحة الوطنية ، وعندما اصدرت الحكومة قرارا بحلها انتهى وجودها على الفور وسلمت اسلحتها الى السلطات الحكومية ، علما ان العراق كان محاطا بالمخاطر وبالمؤامرت الامبريالية والرجعية من كل حدب وصوب ، وبالرغم من ان الحزب الشيوعي الذي انخرطت قواعده في تشكيلاتها ، كان يمتلك السيطرة المطلقة على الشارع ، اما تجربة البيشمركة الكردية فهي شبيهة بتجارب جيوش التحريرالوطني ، مثل : جيش التحرير في الصين والفيت كونك ، في فيتنام ، وجيش التحرير في الجزائر ، ومثيل لها في جنوب اليمن ، وفي كوبا وغيرها ،حيث تحولت الى صف النظام الجديد واصبحت جزءا من الجيش النظامي الوطني .
ولهذا لايجوز زج البيشمركة في ملف المليشيات التي تحولت وفور تشكيلها الى اداة لمصادرة دور الحكومة والقانون وفرض الاجندات الخاصة ، وبذلك الغت حجتها بمقاومة الاحتلال ، فالعمل ضد الاحتلال لايمر عبر فرض السطوة على المواطنين ، او مواجهة الحكومة المنتخبة التي تسعى وبالاتفاق مع معظم القوى والاحزاب الوطنية لاخراج الاحتلال بالسبل السلمية ، حينما تتمكن من تجهيز قدراتها الامنية التي تكون قادرة على مواجهة اعمال الارهاب التكفيري الوارد من خلف الحدود ، وفي ظل العملية السياسية والحياة الديمقراطية ،لا يبرر بعض القوى السياسية الذي يمتلك رصيدا جماهيريا واسعا لجوئه الى استخدام السلاح لفرض وجوده ، ويترك امكانيته الجماهيرية والسياسية السلمية التي تمكنه دون ادنى شك من الوصول الى اهدافه العادلة التي يكفلها الدستور بكل بيسر، وكانت النتائج في هذا الصدد ملموسة من خلال العملية الانتخابية التي تمخضت عن مجلس النواب العراقي ، ان هذا التصرف الذي لايسنده الى اي منطق واقعي اومبرر شرعي ، ويثير حقا حنق وغضب انصار الحياة الديمقراطية ويطلق التفسيرات غير الايجابية تجاه تلك القوى التي تخلق العراقيل بوجه مسيرة العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد ، ويوحد الموقف الذي يدعو الى ترحيل هذه المليشيات الى الآخرة .






 


 

free web counter