| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأثنين 15/12/ 2008


 
 مدنيون ... من ابناء محلتنا

علي عرمش شوكت
 
هكذا اشار مصطفى وهو مسرور ، الى الفرقة المكلفة بنشر الدعاية الانتخابية لقائمة { ،مدنيون ذات الرقم 460 } في احدى محلات بغداد الشعبية ، وعندما استفسرته بفضول عن مبعث سروره الطافح اجاب بلا تردد – لأن هؤلاء يعكسون صورة تبعث على الاطمئنان ، بعكس ما كان عليه الوضع في محلتنا الشعبية هذه قبل اشهر قلائل ، حيث كانت تنتشر فرق اخرى ، ولكنها بدلاً من ان تسعى الى معالجة مشاكل السكان كما تسعى الفرقة التابعة لقائمة { مدنيون } لرفع قساوة الاوضاع عن كاهل عموم المواطنين ، كانت تبث الرعب والموت والفوضى والاغتصاب والاختطاف ، وكان افرادها من الغرباء الملثمين ، مما يترتب على ذلك قدوم قوات الاحتلال لتفتيش حتى غرف نومنا ، اما هؤلاء المدنيون فهم من ابناء محلتنا وهم الاقدر على معرفة حاجات اهلها وبالتالى هم الاكفاْ بتمثيلنا ، ان كلمات هذا الشاب الطالب في كلية التكنولوجيا ببغداد والذي نفض تواً عن كاهله ركام الخوف ، تدلل تماماً على ان المواطنين العراقيين جميعا قد تجلت ليهم الرؤية وهم الآن يبحثون عن الاطمئنان على حرياتهم ومستقبلهم ، وذلك من خلال اختيار اناس لايحملون البندقية لارغامهم على نمط معين لعيشهم ، ولايحملون العناوين الطائفية والاثنية المفرقة بين ابناء الشعب العراقي الموحد طيلة قرون من الزمن ، وليسوا من المفسدين او من { الحواسم } ولا غرباء ملثمين بلا وجوه ولا مخربين بلا حدود
ان عنوان { مدنيون } يعني اول مايعنيه اسماً لبناة الدولة المدنية الديمقراطية ، ولم يأت ذلك تحصيل حاصل ولا هو مخاض ظروف طارئة بل ان اصحاب هذا العنوان واكبوا بناء الدولة العراقية الحديثة منذ البدء ، وقد احتلوا اماكنهم المرموقة في احضان ابناء شعبهم العراقي ، كانوا على مر تاريخ العراق السياسي نبراساً للكفاح الوطني ضد التبعية السياسية للمستعمرين واحلافهم الاسترقاقية وقدموا قوافل الشهداء ثمناً لحرية شعبهم واستقلال وطنهم ، وذلك ما تتوج بثورة 14 تموز عام 1958 المجيدة التي اسست الجمهورية العراقية ، وظلت هذه القوى الديمقراطية والقومية التقدمية تواصل النضال العنيد لمواجهة الانظمة الدكتاتورية المتعاقبة ، ويمكننا القول انها اول من اقيمت للالاف من مناضليها المقابر الجماعية على اثر انقلاب شباط الاسود عام 1963 .
والدعوة الجادة لانتخاب قائمة { مدنيون 460 } تنطلق من ضرورة اختيار من هم الاجدر على السعي المخلص لتحقيق العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة للناس وكذلك على بناء العراق الحضاري الديمقراطي الفدرالي الموحد الجديد ، الذي يواكب وعن جدارة التطور العلمي والتقني والثقافي العالمي في ظل دولة مدنية عراقية شامخة موحدة تصون استقلال الوطن وسيادة الشعب على مقدراته ، محررة من الاحتلال والهيمنة الاجنبية الدولية والاقليمية الطامعة ، وهنا سيأتي الفرز والاختيار لقوى مدنيين كنتيجة موضوعية في ظل تجربة الخمس سنوات الماضية ، حيث جسدت هذه الاحزاب الديمقراطية نزاهتها وصحة توجهاتها السياسية ، التي تمثلها قائمة { مدنيون } اي ، الحزب الشيوعي العراقي ، والحزب الوطني الديمقراطي ، والحركة الاشتراكية العربية ، وشخصيات ديمقراطية اخرى ، فكانت المسافة شاسعة بين هذه المكونات وبين ميدان الصراع حول النفوذ والمال ، الذي غاصت به القوى الاخرى حتى النخاع ، وكذلك رفضها المبدأي للمحاصصة الطائفية والاثنية التي كانت بمثابة بوابة الكوارث المأساوية التي حلت بالبلد ، وهذا ما اطر صورة جلية لنهج قائمة { مدنيون } السياسي الوطني ، وبذلك قد تأهلت لتمثل ارادة الجماهير المهضومة الحقوق من جراء صراع المصالح الحزبية والمذهبية وكوارث الارهاب .
ان الفشل والاحباط اللذين اصيبت بهما الجماهير جراء اتساع الفساد المالي والاداري ، وتدهور الخدمات العامة وزيادة اسعار المواد الاستهلاكية وارتفاع ازمة السكن كانا الدافع وراء بحث هذه الجموع مجدداً عن ملاذ ، بعد عودة احوالها الى حيّز ازمة الضياع والفوضى التي كانت سائدة في ظل النظام الدكتاتوري ، وغاية هنا ليست ملاذاً يحتمى به بقوة سلاحه الناري ، وانما الاحتماء بقوته السياسية الوطنية الرصينة القادرة على ايصال البلاد الى الاستقرار والامان ، ولهذا اسفرت مسيرة العملية السياسية عن فرز واضح في الشارع العراقي ، بين من هو يعتاش على حساب المواطنين وبين من يناضل من اجل طموحاتهم بيد بيضاء وبنسب وطني عراقي خالص ، وعليه ينبغي ان تتوفر الحصانة والقدرة على تشخيص الصالح من الطالح لدى الناخبين في انتخابات مجالس المحافظات الحالية واية انتخابات اخرى قادمة ، ومع ذلك ستبقى البراقع الدينية والعرقية المتاجر بها هي الوسيلة الاكثر قدرة على اختفاء القوى الطفيلية في ظلها ، والتجربة الماضية خير برهان على ذلك ، لذا جاءت الاجراءات والانظمة التي اصدرتها المفوضية العليا للانتخابات للحد من ذلك الا انها ليست بكافية .
ولكي تتغير الحالة الفاشلة الماضية ، على الناخب ان يعالج معاناته باختيار { مدنيون } لكونهم لا يأتون بوجوه مقنعة او ملثمة ، انما يأتون رافعين راية العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجميع والديمقراطية آليتهم والمواطنة والكفاءة هي التي تحدد النصيب والمنصب ، وافضل وادق اختيار يكون من بين ابناء المحلة حيث المعرفة التاريخية التي تعري اية براقع مهما كان شكلها .



 

free web counter