| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الجمعة 15/8/ 2008


 
اول غيث قانون الاقاليم نزاع حدودي عقيم !!

علي عرمش شوكت

كانت ومازالت الاغلبية المطلقة من الشعب العراقي تفتخر وتعتز بتحقيق الفدرالية لاخوتنا الاكراد في العراق ، ويحسب هذا الانجاز وفاءاً لمشاركة الكرد مع العرب وباقي المكونات العراقية في تحمل اعباء النضال وتقديم التضحيات الجسام في سبيل التحرر والديمقراطية ، وكان ما تقوم به الانظمة الدكتاتورية ضد الشعب الكردي قد اعتبره العراقيون عموما وصمة عار تلطخ جبين اؤلئك الحكام المستبدين الشوفينيين ، كما صنفت الفدرالية بانها من اهم انجازات التغيير في العراق الجديد ، وبات حتى المختلفون سابقاً مع حقوق الاكراد القومية المشروعة يعترفون باهمية تحقيق الفدرالية لاقليم كردستان في تشكيلته الحالية ، الا ان هذا الانجاز الديمقراطي التاريخي لم ينج من الاستغلال والمساومات السياسية في سبيل تقسيم البلاد والعباد ، حيث الصق به قانون الاقاليم غير المبرر قطعاً ، وما يفجر قلوب الوطنيين العراقيين حقاً هو تفسير البعض لهذا القانون على انه يشرّع الى تشكيل دويلات مستقلة عن دولة المركز ، وعلى صفحة هذا الوهم رسمت الخرائط الرملية لحدود هذه الامارة او تلك الدويلة المرتقبة ، وكانت ادوات تقسيمهم عبارة عن مشارط لتقطيع جسم العراق الذي ظل معافى في كافة اجزائه ومكوناته القومية والدينية ، مما صار للفدرالية مع اقليم كردستان صورة مشوهة وعلى غير حقيقتها ، اذ غدا العديد من مؤيدي حقوق شعبنا الكردي القومية المشروعة من العرب يراوحون في اقل تقدير ازاء تأييد الفدرالية ، والبعض منهم راح يعلل الامر بأعتبار الفدرالية هي سبب تقسيم العراق الموحد الى اقاليم تنزع الى تشكيل امارات منفصلة عن دولة العراق.
جاءت فكرة اللامركزية الادارية كمعالجة لما تبقى عالقاً في اذهان البعض من مساوئ مفهوم الشرعية الانقلابية (الثورية) التي عادة ما توّلد السلوك الاستبدادي والذي بدوره يوفر المادة الخام لاعادة صناعة الدكتاتورية وبعث مظالمها من جديد ، وكانت اللامركزية الادارية مرحلياً تتناسب مع متطلبات الوضع السياسي العراقي الجديد لانفكاك عملية اعادة بناء البلد على مستوى المحافظات من قيود النظام الاداري المركزي المعرقل للنهوض بالتنمية الاقتصادية والبشرية ، غير ان الذي جرى هو سياق اخر ، اذ تحوّل الى نمط تقسيمي وضع بموجبه وعلى حد المثل القائل ، العربة امام الخيول ، فبدلا من ان تاخذ المحافظات صلاحياتها في ادارة شئونها الداخلية وباشراف الدولة المركزية ، راح البعض يعطيها شكلاً من الاستقلالية عن الدولة المركزية ، مبرراً ذلك باستناده على المادة الدستورية 118 ، هذه المادة التي مازالت مطلوبة لعدالة المشرّع العراقي واحكامه المطلوبة في اتخاذ ما يلزم لتعديلها واخراجها من داخل الصناديق السياسية المقفلة وكسر قيود المحاصصة التي اسرتها واسرت معها الدستور جملة وتفصيلاً ،
وما يزيد الشعب العراقي اطناناً من الهموم هو ان يرى بعض مجالس المحافظات تتكالب ، وتنازع المحافظات المجاورة لها على بعض اجزاء من الارض لكي تحسم امر ملكيتها وتبسط سيطرتها وترسم حدود مملكتها المرتقبة للاسف الشديد ، وكأن العراق قد توفى ولابد من قسام شرعي ليعطي لكل محافظة حصتها من الارث !! ، وشاهدنا على ذلك ليس غرابة تصرف الاطراف المعنية في محافظة كركوك اذ بات ذلك معروفاً حسب شرعة الدستور ، انما النزاع اللامنطقي والذي لا يمتلك اي قدر من المشروعية والمتمثل بما حصل بين محافظتي كربلاء ومحافظة الانبار من نزاع حول منطقة ( النخيب )، ويبدو ان نباشي قبور المشاكل الميتة قد راج سوق عملهم في هذه الايام التي تخطت فيها العملية السياسية مرحلة الخطر ، حيث كل ما وضع امامها من عراقيل قد سحقته اقدام الشعب العراقي وهو يحمل على اكتافه وطنه الجريح ، بغية عبوره الى شاطئ الامان والسلام والمصالحة واعادة البناء ، وبالتالي خلاصه من الاحتلال وتبعاته .
هذا اول غيث قانون الاقاليم نزاعات على حدود المحافظات ، فكيف اذا ما انهمر وعم البلاد برمتها ؟ ، ربما ستشتعل حرب ( بسوس ) تلتهم الاخضر واليابس لا تبقي شيئاً اسمه العراق ولا تبقي حتى هذه الاقاليم المزعومة اصلاً ، والمصيبة تكمن عند الذين يتحكمون في مجالس المحافظات ، وستكون المصيبة اعظم اذا ما كان على رأس هذه المجالس اشخاص يتناغمون مع اجندات اقليمية واجنبية طامعة في ارض العراق الغنية بالثروات والخيرات التي لا تعد ولا تحصى ،

 

free web counter