| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأثنين 14/1/ 2008



الراصد

عناوين تكتب واخرى تشطب

علي عرمش شوكت 

يلزمنا الحرص على العملية السياسية ان نرقب مجرياتها ، خصوصا وان الذين يتصدرونها لم يفوا بتعهداتهم التي قطعوها على انفسهم قبل وبعد اختيارهم الى هذه المواقع القيادية في حكم العراق الجديد ، ولغاية هذا اليوم ما زالت معاناة شعبنا تتضاعف ، كان المعنيون في الامس يتذرعون بانهيار الامن ، غير ان حساباتهم السياسية كانت تفتقر الى القدرة على اجلاء غبار التخريب عن جبين وحدة هذا الشعب، حتى وان انقسم او اختلف اوحتى تصارعت بعض مكوناته ، وبالتالى سرعان ما يخرج الطبع العراقي العزيز النفس والاصيل الارتباط ، من غياهب الاحقاد والتناحرات ، وبعد ان قطع الامن غيابه وتوفر، وبه تبددت الذريعة فانطبق المثل العربي على المتذرعين والقائل (ذاب الثلج وبان المرج) ، فأخذ بعضهم يلملم بعضه في تحالفات جوهرها انشطارات ، تسمع جعجعتها ولكن لا يشاهد طحينها ، وسوف لن يشاهد منها غير تلك الوعود المطحونة اصلا .
ان الوعود التي يفوت اوانها يصبح (حبلها قصيرا) ، كما ان الصبر حاله حال ضوء الشمس ما ان يشرق حتى يأتيه الغياب ، والشعب المهضوم الحقوق لا يغفو على وسادة الوعود ، هذه الحالة تدركها النخبة الحاكمة كما انها تعرف جيدا افرازاتها المتوقعة ، بيد ان الذي يلمس هو عدم الاهتمام الجدي والبحث عن الحلول والمعالجات للازمة العراقية ، بل العكس يطغي صوت الخلافات التي تجري على جلد الدب قبل اصطياده كما يقال ، اي يجري الصراع على الاستحواذ على مواقع القرار بعد خروج قوات الاحتلال التي ما زالت مرابطة ، ومن الحق ان نسميها بمساعدة على كبح الارهاب لكي لا نكون جاحدين ، ومن هذا نبغي الوصول الى حقيقة اخرى لم تدركها النخبة الحاكمة ، وهي ان الصراع على المنافع كفيل بضياع المنافع الخاصة والعامة بل والبلد بحاله ، لقد بات المواطن العراقي المتطلع الى الاستقرار يقلق من حالة الاضطراب التي تسود الطبقة الحاكمة ، بعد ان استبشر بكسر ظهر الارهاب بفضل المخلصين من ابناء العراق في الجيش وكافة العاملين في الاجهزة الامنية الاخرى وكذلك دور المواطنين في حماية مناطقهم .
البشائر الاخيرة التي اهدتها القيادة السياسية الى شعبها بمناسبة السنة الجديدة كانت تبعث على القلق ، فبدلا من ان يتوقع المواطنون حصول ما يزيح الهموم عن صدورهم ، جاءت اخبار القادة تبشر بانشطارات على شكل تحالفات متناحرة متربصة لبعضها البعض ، فالجناح الاقوى في كتلة الائتلاف (المجلس الاسلامي الاعلى) والتحالف الكردستاني قد اصطفا على رصيف ترحيل السيد نوري المالكي عن رئاسة مجلس الوزراء كما اشارت الاخبار ، وعلى الجانب الاخر تجمعت اطراف مختلفة سنية وشيعية وكانت متناقضة فيما بينها بهدف قطع طريق الترحيل المزمع تنفيذه ، علما انها كانت سابقا من اولى المطالبين باسقاط حكومة المالكي ، ولهذا اطلق عليه تهكما (تحالف العهد الجديد) ، ومن المناسب ذكر بعض الاسباب التي دعت الى طرح موضوع تغيير المالكي فهي حصرا تتعلق بعدم تنفيذه للمادة 140 من الدستور المتعلقة بمدينة كركوك ، والموقف الرافض لعقود النفط التي تمت بين حكومة اقليم كردستان و بين بعض شركات النفط ، وعلى ذلك حسب عدم وفاء من جانب الائتلاف لوعوده التي قطعها الى التحالف الكردستاني ، لذا اقتضى التغيير ، وبما ان تغيير المالكي يعني مجيئ الدكتور عادل عبد المهدي الى رئاسة الوزراء وهو العضو القيادي في المجلس الاسلامي الاعلى ، فأن ذلك ماكان يدفع المجلس الى مثل هذا التحالف اضافة الى اسباب اخرى ، لقد اضافت هذه الحالة هما جديدا وعقدة اخرى الى المعضلة العراقية ، ومما لاشك فيها انها بمثابة صب زيت على النار من شأنه تأجيج الغضب لدى الناس المهدورة الحقوق ، والتي تنتظر بفارغ الصبر التنفيس عنها ، وذلك بايجاد حلول ملموسة لمشاكلها ، وقبل ذلك لمشاكل البلد المستعصية ، ولكن التطورات بل التردي الحاصل في وحدة قوى العملية السياسية قد بددت امل الجماهير بهذه النخبة الحاكمة ، وبات الحديث عن تغيير الحكومة يتداول بصورة واسعة وعلى لسان حتى بعض المقربين من السيد المالكي نفسه علما انه ليس المسؤول وحده عن هذا التردي في الاداء الحكومي ، بل كافة الكتل المتنفذة المشاركة في الحكومة تتحمل ايضا المسؤولية عن ذلك ، ومع ان التحالف الجديد اعلن عن دعمه لحكومة المالكي ولكنه قد نوه في ديباجة الاعلان عن تشكيله بأن اساس هذا الدعم يتوقف على مواقف الحكومة من المصالح الوطنية ، وهي اشارة خفية الى رفض عقود النفط في كردستان والتراجع عن تطبيق المادة 140 من الدستورالمتعلقة بتطبيع الاوضاع بمدينة كركوك .
يتساءل المواطنون عن كثرة التحالفات هذه الايام ، وكأنها هي التي ستحل الازمة ، فعناوين تكتب واخرى تشطب واعلان يلحق اعلان اخر تعبيرا عن تشكيل جديد ، وعندما توضع هذه الارهاصات التحالفية والتكتلات تحت (المجهر) لاتظهر منها سوى اشكالها وصيغها المعاد انتاجها ، وهذا تحديدا ما يحير المواطنين ، فليس من المعقول ان يلجأ كل هؤلاء الساسة للدخول في دائرة المزايدات بشعارات الوطنية والمواطنة التي في جوهرها لاصلة لها باحوال المواطنين ، لكونها مجرد اقوال لاتتلامس مع حل الازمة الخانقة ، وانما هي تعبير عن ازمة العلاقات والثقة بين هذه النخب السياسية التعبانة والتي اتعبت شعبها الى حد الانهاك .






 


 

free web counter