| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الخميس 13/12/ 2007



الراصد

الرأي العام العراقي .. في حالة انعدام الوزن

علي عرمش شوكت

يعتبر الرأي العام في معظم البلدان المتحضرة ، الداينمو والحاضنة الاساسية للديمقراطية ، وهو الحارس على القوانين وتطبيق العدالة وضبط النزاهة والكابح للنزعات الفردية والدكتاتورية ، كما انه يتدخل من دون اذن في ما يحصل من تجاوزات على الانجازات الحضارية والحقوقية والحريات العامة للمواطنين ، لكون هذا المفصل الاخير هو بمثابة مناخه وربيعه المنعش ، غير ان هذه القاعدة مرهونة تماما بارتفاع مستوى الوعي الثقافي والسياسي والعلمي ، تلك الرافعات التي يمكن له ان يعبر بها الاسوار والحواجز التي تصنعها وتستخدمها في الغالب الآلة القمعية لدى النخب المتسلطة الحاكمة ، بمعنى ان الرأي العام لايستطيع التعبير عن حقيقته لاذاتيا ولا حتى عبر ممثليه المنتخبين في مناخات الاستبداد والفقر والتخلف .
ان حرية التعبير واحترام الرأي الاخر هما الكفيلان بجعل الرأي العام يمتلك سلطة فاعلة في الحياة العامة لاي شعب ، وبالتالي يأخذ مكانه كرقيب يحسب له حساب ، ويغدو التجاوز عليه من الامور غير الجائزة وغيرالهينة ، مما يؤدي الى توسيع تقاليد ديمقراطية من شأنها ان تجنب اي مجتمع ويلات الانظمة الدكتاتورية ومصادرة الحريات وفرض حكم الفرد او النخبة ، ولابد من قول ان ما اشرنا اليه لن يتحقق كمنة من احد كائن من كان ، وانما بفضل فعل رصانة الرأي العام ذاته وقوة تأثير دوره ، بيد ان هنالك وجها اخرا يبرز حينما يمكن تفريغ الرأي العام بسهولة من ان يكون رقيبا وحكما على مجريات الامور، فيأخذ طابع الانصياع والتطويع وينساق مع ماتفرضه ماكنة السياسة المسيطرة على العقول ، وعلى العموم تكون الدوافع عاطفية لم تعمر طويلا ، وسرعان ما تتضرر المصالح العامة من جراء ضيق افق النخبة التي لاتعترف بحقوق الاخر ، الامرالذي يؤدي الى تأزم الاطراف المسلوبة الحقوق ، وبالتالي الافلات من قبضة انحباس سراديب الفكر الاقصائي الذي يتعارض تماما مع الديمقراطية وحقوق الانسان ، التي تشكل المناخ الضروري لشموخ ونصاحة الرأي العام ،وفي ظلها يصبح التنافس والتفاعل والجدل بين مختلف الاراء والافكار متوازنة ، وبعكسه سيغيب التكافؤ وتنعدم العدالة الاجتماعية ، ومن ابرز قسمات الرأي العام المميزة ، انه يتحلى بعدم البقاء لصالح سلطة او جهة قسرية ظالمة لمدى طويل ، فسرعان ما يصطدم بجدران الانغلاق الفكري والعلمي والحقوقي الانساني فيدير ظهر المجن لها ، وفي مثل هذه الحالات قد يتعرض الرأي العام للانقسام والتقاطع المؤقت وفي غضون ذلك يفقد تأثيره ودوره الرقابي في المجتمع وعلى النظام السياسي القائم في حينها، وعندما يتحرك الرأي العام للتصدي لمظاهر الزلل والانزلاق الذي يحصل في سياسة النخبة الحاكمة ، تتحرك عاجلة الآلة السلطوية لقمعه ، وفي احسن الاحوال تلجأ الى تزيفه بوسائل مبتكرة وماكرة على الاغلب ، ولاسيما في غياب دور القوى الديمقراطية الديمقراطية الفاعلة في الحياة السياسية .
وافضل ساحة يبرز فيها دور الرأي العام ويعطي ثماره المباشرة سلبا ام ايجابا ، هي العملية الانتخابية ، والخطورة تكمن فيما اذا كان الرأي العام غير محرر من قيود الجهل ، والفقر، حيث سيكون خاضعا لارادة من يمتلك القوة الاقتصادية التي تأثر عادة على ضعفاء النفوس ، ولمن يمتلك السلطة الدينية التي ينساق خلف وجهتها بسطاء الناس ، هذا وناهيك عن سلطة القمع التي تحاول تزيفه جملة وتفصيلا ، اما بيت قصيدنا كما يقال فهو دور الرأي العام العراقي هذه الايام ، وبخاصة عندما تطرح قضايا خطيرة من صميم اهتماماته ، هذه التي تتخم الساحة الساسية العراقية في هذه الايام ، ومن ابرزها المصالحة والمشاركة في ادارة العملية السياسية ، والفساد ، والارهاب ضد النساء خصوصا والشعب عموما ، الاحتلال واستعادة السيادة ، الخدمات وغيرها .
كانت ومازالت اية قضية تمس كرامة الناس ، اوتجسد تجاوزا على الحريات والاداب العامة تسمى ( قضية رأي عام ) وما اكثرها في بلادنا ، ولا نجد الرأي العام العراقي متصديا لها كقضية تعنيه وتهزه ، ويعود ذلك الى الانقسام الحاصل فيه ، ولكن رغم ذلك يبقى يحافظ على قدر معين من التوحد ، لاسيما في الامور التي تعتبر ثوابت وطنية عامة ، اما الحالات التي يتشظى فيها فهي تلك المنجرفة مع مد الاستقطابات الطائفية والعرقية ، اي التي لم تكن من صلبه وانما تثقله بفعل اوساط معينة تحاول الاتكاء عليه والعبور الى صوب غايات ذاتية ضيقة ، والرأي العام يكون فاعلا في ظروف الاستقرار وانتشار الثقافة الديمقراطية اي ارتفاع الوعي السياسي والثقافي ، وفي بلادنا مازالت مقادير انتشار الوعي على حالها الموروثة من النظام السابق ،و من ابرز مخلفاته هو الجهل في التاريخ السياسي العراقي، والفرقة والانقسام في المجتمع العراقي ، وحتى وصل ذلك الى العائلة الواحدة ،ولهذا لانلمس اي تحرك يذكر للرأي العام متوحدا ومنتصرا لقضية تعتبر من صميمه كالتي تحصل مثلا في البصرة اي قتل النساء وابناء الديانات الاخرى ، هذه الجريمة النكراء التي تهز الضمائر الانسانية ، والاكثر مرارة لانجد تحركا حكوميا متصديا لها ، بل نلمس العكس حيث صدرت من الحكومة اوامر لتجريد الضابطات الشرطيات من السلاح وهن في مقدمة المستهدفات من قبل العصابات التكفيرية الغارقة في الظلام والتخلف ، وعليه لايمكن وصف الرأي العام العراقي الا بكونه في حالة انعدام الوزن مع الاسف الشديد .














 


 

free web counter