| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأربعاء 13/1/ 2010



 لا ينبغي تكرار برلمان مصاب بداء نقص النصاب

علي عرمش شوكت
 
كان من المؤمل ان يشرّع مجلس النواب العراقي في دورته التي ستنتهي بعد بضع اسابيع والتي امتدت اربع سنوات حزمة من القوانين ، تستلزمها عملية اعادة بناء الدولة العراقية التي اصابها الانهيار على اثر سقوط النظام الدكتاتوري ، الا ان نمط التشكيلة البرلمانية الحالية المهيمن عليها من قبل نخبة سياسية مختزلة بثلاثية ابعاد اجتماعية ، شيعة ، سنة ، اكراد ، دون اي دورللمكونات السياسية الاخرى ، قد نسفت مصداقية العمل الوطني للبناء وارساء العدالة الاجتماعية ، ووضع البلد على سكة الخلاص من المصائب التى حلت به منذ انقلاب شباط الاسود عام 1963 ،و تواصلت حتى هذه الساعة ، واخذت سبيل المحاصصة كاسلوب في ادارة الحكم ، وعليه تعطلت اهم القوانين المعول عليها احياء الاقتصاد وتوطيد الحياة الديمقراطية .

وكان البرلمان طيلة هذه الفترة تحكمه المساومات والتوافقات المصلحية الخاصة للكتل الكبيرة المتنفذة ، واذا ما تفحصنا عافية هذا المجلس سنجده عليلاً مصاباً بداء نقص النصاب ، والمعيب حقا في هذا ، انه يتم عمداً من قبل هذه الكتلة او تلك ، التي لها اعتراض على حيثيات جدول اعمال الجلسة المعينة ، انطلاقاً من عدم قناعتها بما سيعود عليها من فوائد ، ان حضور جلسات البرلمان او عدمه سيان لدى نواب الكتل المتنفذة ، بل وتحوّل هذا الامر الى ورقة ضغط وابتزاز ولايتم الحضور الا اذا جرى التساوم المسبق الذي يطلقون عليه التوافق بين هذه الكتل الحاكمة حول المنافع من هذا القانون او تلك القضية المطروحة للتشريع .

ان عدد اعضاء مجلس النواب العراقي يربو على مئتين وخمسة وسبعين نائباً ، لم يكتمل هذا العدد الا في الجلسة الاولى للبرلمان فقط ، ولم يحضر جميع نواب اية كتلة الى الجلسات الا اذا كان القانون المنوي تشريعه يصب في مصلحة تلك الكتلة قبل اي شيء اخر ، ولم يجمع النواب على تشريع معين غير تلك التشريعات التي اسست لامتيازاتهم ، ولم يسمح اعضاء مجلس النواب العراقي بمرور اي قانون عام الا وحاولوا تحويره الى ان يكون قابلاً للمحاصصة ، مثل ما يراد لقانون النفط والغاز المعطل لحد الان ، والادهى من ذلك هو اتباع المعايير المزدوجة في اصدار بعض القوانين وبمخالفة صريحة للدستور ، وهذا هو حال قانون مؤسسة السجناء السياسيين حيث منحوا الحقوق لسجناء ما بعد عام 1968 اي ضحايا حكم البعث الثاني ورفضوا اعطاء الحقوق لسجناء وضحايا انقلاب 8 شباط الاسود عام 1963 اي حكم البعث الاول الذي هو اشد واقسى حيث طال قوى اليسار تحديداً الذين تصدوا له دفاعاً عن ثورة 14 تموز الوطنية ، حيث كانت القوى السياسية الاخرى اما مؤيدة للانقلاب الفاشي الدموي كيداً بالزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ، او متفرجة على ذبح الشيوعيين والقوى الديمقراطية اليسارية ، خشية من يطالها الذبح .

اما بدعة الصفقات التشريعية اي التمرير المتبادل لتشريعات تهُم الكتل المتنفذة فيما بينها ، فقد باتت عرفاً برلمانياً في مجلس النواب العراقي الموقر ، واقرب مثال على ذلك هو الموقف من اقرار الموازنة المالية العامة لسنة 2010 ، والذي يجري الدفع به الى الارتهان باقرار قانون السلوك الانتخابي من قبل الجناح غير متوافق مع رئيس الوزراء في النخبة الحاكمة .

وبعد ما تقدم من مفارقات لا منطقية في سلوك نواب الكتل المتنفذة في مجلس النواب ، فهل بقي رجاء في مثل هذه الاحزاب الحاكمة ؟ ، نعم ان الوجوه ستتغير في الانتخابات القادمة ، ولكن القوى السياسية التي على راس السلطة ستعود ثانية بفضل التجييش والتخندق الطائفي والقومي ، وكذلك بضمان قانون انتخابي غير عادل وظالم ، او بالاحرى بقايا برلمان بفعل التحلل الذي اصابه ، شرعته لغرض ادامة بقائها واستحواذها على سدة الحكم ، وثمة صورة تعبر بوضوح عن هذا المصير البائس ، هي تلك التي حدثت يوم الاربعاء المصادف 13 / 1 / 2010 ، اذ حضر اقل من نصف اعضاء البرلمان 130 عضواً ، من مئتين وخمسة وسبعين عضواً ، ولم يدخل القاعة سوى مئة عضو مما اضطرهم الى تاجيل الجلسة بفعل علة نقص النصاب .



 

free web counter