| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الجمعة 12/9/ 2008


 
 البرلمان العراقي ... سائر الخطى ام خائر القوى ؟

علي عرمش شوكت

امست اجتماعات مجلس النواب العراقي مثل هلال العيد ، يتطلع اليها الناس بشغف ، لعلها ستنبئ بحسم الجدل حولة شرعية نهاية الصوم ، وهذه حال مجلس النواب الذي نراه صائماً عن اتخاذ القرارات الهامة في وقتها المناسب ، فعندما يُعلن عن عقد اجتماع له يستبشر المواطنون ، ولكن سرعان ما تختفي معالم الاجتماع خلف تلبد سحب الخلافات السياسية ، الجاهزة منها والتي تجهز خلال المدولات الاولية ، حينها يتبدى الضعف صارخاً في فهم الديمقراطية وكذلك عدم الادراك للمهام والدور المنتظر لعضو البرلمان ، بل ونشهد في بعض الاحيان قطيعة مع ما سطر في الدستور من واجبات للنائب وللمجلس على حد سواء ، وليس مفهوما لدى المواطنين الذين انتخبوا هذا النائب الذي يتصرف خلال عقد اجتماع البرلمان وكأنه جالس في مقهى ، ويجدر القول انه من غير اللائق في النائب ان لايصغي اثناء قيام رئيس المجلس بادارة الجلسة اوعندما يتحدث زميل له حول قانون هام ، وليس جائزاً ايضاً ان يتنقل النائب من زميل الى زميل اخر لاي امر كان اثناء التداول بامر هام ، او انه يخرج من القاعة اثناء الجلسة البرلمانية من دون استئذان ، اما الغيابات فحدث بلا حرج .
ان ما ذكرناه يهون حيال التصرف التعسفي مع الديمقراطية ، هذه الآلية التي لامناص منها لاي برلمان حضاري ، فالبعض يختزل الديمقراطية بالانتخابات فقط ، ولايراها على حقيقتها كونها نظاماً متكاملاً ، ينطوي على حرية التعبير ، و قبول الاخر ، والتعددية الفكرية والسياسية ، والمساواة في الحقوق والواجبات ، وحق الاضراب والتظاهر ، ومساواة المرأة باخيها الرجل ، وسيادة نظام العادالة الاجتماعية ، من هذا المنطلق تستخدم الديمقراطية من قبل بعض الاوساط كوسيلة للوصول الى سدة الحكم وينتهي مفعولها ، وكأنها تذكرة سفر { وان وي } ، ان ذلك ما هو الا مصادرة لجوهرها ، ومحاولة التفاف عليها بهدف جعلها غطاءاً ذات صبغة شرعية ولكن الغاية منه هي العودة الميسرة على متن الديمقراطية الى النظم الدكتاتورية ، ولهذا نرى البعض يرى ان الاستحقاق الانتخابي هو نتاج الديمقراطية ويمنحه الشرعية الكافية التي تكنه من حسم كافة الامور الاخرى لصالحه ، بمعنى ان بامكانه مصادرة حقوق الاقلية ، والتفرد بالقرارات المصيرية التي اذا ما عنت شيئاً فاول ما تعنيه ، ممارسة دكتاتورية تحت واجهة ديمقراطية .
ليس غريباً وجود مثل هذه الممارسات التعسفية بحق الديمقراطية لدى بعض اعضاء مجلس النواب العراقي ، لكونه يعبر عن تدني مستوى الوعي والثقافة الديمقراطية في مجتمعنا العراقي ، الذي ابتليّ ومازال مبتلياً بمخلفات ثقافة التجهيل العام والتأليه للفرد الضرورة ، وبفعل تأثير هذا النهج المتخلف صار مجلس النواب يعاني العسر في مخاضه للقوانين التي تنظم الحياة وتطلق العدالة للجميع ، وتشرع في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية ، لقد مرت خمس سنوات مدمرة على العراق وبوجود انتخابات ومجلس نيابي يفترض ان يعول عليه في معالجة الصعاب التي تعترض سير العملية السياسية الجارية في البلد ، ولكن لم يكن لمجلس النواب حضوراً فعلياً عند العديد من المعضلات الشائكة والتي يعتبر حلها منطلقاً اساسياً في عملية البناء والتقدم والخلاص من الاحتلال واثاره ، وما نعنيه بالمعضلات هي تعطيل العديد من القوانين والتشريعات الهامة ، وقانون النفط اولها وليس حصراً حيث يوجد اكثر من اربعين قانوناً في حالة انتظار التشريع ، ولابد هنا من ذكر قانون انتخاب مجالس المحافظات الذي اريد له ان يولد ميتاً ، لكون نتائجه ستخلق اذا ما طبق استحقاقات انتخابية مثمرة ، يحاول البعض الذي استفاد بل وغرف الكثير من المكاسب سواء كان ذلك جاهاً ام ثروة بواسطتها ان يخطفها من جديد ، ويعيد تجربة الانتخابات الماضية التي حلت في البلاد الكوارث من جراء نتائجها المختلة .
ومن الوجب الوطني ان تكون ساحة مجلس النواب ميداناً للتنافس السياسي الشريف ، ومن المؤكد ستكون الغلبة لمن هو اكثر حرصاً على مصالح ناخبيه المشروعة ، والتي لا تتعارض باي حال من الاحوال مع مصالح شعبه ، ولكن من العار السياسي والاخلاقي ان تستغل عضوية البرلمان لتحشيد الاصوات في سبيل اجندات شخصية واجنبية ضارة بوحدة الصف الوطني وبمصالح العراق الكبرى ، و الهادفة الى ابقاء العراق يعيش في فوضى ضاربة بغية نهبه وسلب ارادة شعبه ، والادهى من كل ذلك هو العمل على تعطيل او حرف دور المجلس التشريعي المقترن بآليات ديمقراطية وقواعد دستورية ، والان وبعد هذه الفترة الزمنية والتي يفترض ان يكتسب فيها الآهلية وعدم تكرار الاخطاء الجسيمة التي تضيّع المال والبنين والزمن الثمين ، نراه على عكس ذلك يتحول يوماً بعد آخر الى ميدان للصراعات الكيدية والمذهبية والطائفية ، وتظهر تجليات هذه الصراعات على شكل تكتلات غير متجانسة والتي سرعان ما تتفكك ، لكون تأسيسها يتم بدوافع ونزعات براغماتية حول اهداف آنية تفتقر لابعاد وطنية عامة ، فهل ياترى هذا البرلمان يعتبر سائراً ويحث الخطى نحو اعادة بناء العراق الجديد كما هو منتظر ، ام انه خائر القوى وعاجز عن اداء دوره المطلوب ؟ ، والاجابة لدى الناخب المسؤول الاول عن وجود مثل هذا المجلس .


 

free web counter