| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الخميس 11/6/ 2009



 الانتخابات العراقية القادمة وأسر هيمنة الطبقة الحاكمة

علي عرمش شوكت
 
ما تزال لسعة اللدغة الثانية التي تلقاها الناخب العراقي تشكل مصدراً للالم والخيبة ، كما تعيد كلمة الانتخابات الى الاذهان صورة المصادرة المنظمة لارادة المواطن العراقي من قبل الكتل الكبيرة المهيمنة على سلطة القرار ، التي استحوذت على مليونين ومئتين وخمسين صوتاً ، كان اصحابها قد منحوها الى من يتوسمون بهم تحقيق مصالحهم من الاحزاب التي لم تفز ، الامر الذي دفع بهؤلاء الى البحث عن مرجع سياسي عادل قادر على تدارك سقوط الديمقراطية ضحية في اسر الارادات والمحاصصات الكابحة لعجلة التطور في العراق ، وكان المعول عليه هو البرلمان كمشرّع ورقيب امين على الحقوق السياسية للمواطنين ، الا انه ظهر عكس ذلك ، فهو الذي تبنى عملية المصادرة من خلال اصداره قانون الانتخابات المرقم 36 لسنة 2008 والذي انطوى على اجازة مصادرة ارادة ناخبي الاحزاب الصغيرة ، وتحويل اصواتهم لصالح الاحزاب والكتل الكبيرة دون اي وجه حق يذكر ، وبخاصة الفقرة الخامسة من المادة الثالثة عشر ، التي ينبغي ان تستنفر القوى الديمقراطية في نضال متواصل لالغائها من القانون ، في الوقت الذي اهمل البرلمان اصدار قانون الاحزاب في العراق بخطوة تبدو مقصودة ، بهدف بعثرة اصوات الناخبين والتي يُقدّر المراقبون بامكانها لو جمعت لنافست الكتل الكبيرة ، او ربما غلبت بعض الاحزاب التي فازت بشفاعة فاعل .

الديمقراطية في العراق تفتقر للحاضنة الاجتماعية الموائمة لها ، بمعنى عدم وجود مجتمع ديمقراطي ، وبفعل ذلك نرى البعض عندما يمارس الآلية الديمقراطية يحاول استخدامها كاداة مفصلة على مقاساته فقط ، لكونه لا يعلم منها سوى انها جاءت به على حين غفلة الى المناصب العليا في الدولة ، لهذا تجده في البرلمان حينما يشرّع قانوناً حريص جداً على افراغ ذلك القانون من طابعه العام الديمقراطي العادل ، ومثال ذلك قانون الانتخابات الذي كرس لخدمة الكيانات الكبيرة فقط ، وقانون السجناء السياسيين الذي خصص لفئة معينة من السجناء من ضحايا الحكم البعث ، حتى قانون الشهداء فمنهم من منحت لعوائلهم التعوضات اللازمة ، ولكن اخرين من الشهداء لم تعاد لهم حتى الاعتبارات المعنوية لكونهم ليسوا من اتباع الاحزاب الحاكمة ، كما ان قوانين اخرى امست تغص بنفس المحاصصة والهيمنة والتفرد ، واخرى مجمدة لكونها غير قابلة للتجزئة مثل قانون النفط والغاز ، مما جعل التشابه بين سبل تشريعات النظام الدكتاتوري وهذه التشريعات المشار اليها قريب جداً ، اذ ان تلك كانت تشرّع لصالح الحزب الحاكم فقط ، وهذه تسن لصالح الاحزاب الحاكمة ايضاً .

وتتجلى نزعة الهيمنة في مفاصل اخرى من النظام السياسي القائم في العراق الجديد بدعوى الاستحقاقات الانتخابية المعمدة بنزعة الاستحواذ والهيمنة ، وعلى سبيل المثال ، عندما يتم تشكيل لجان التحقيق والتدقيق وعقود الاعمار ومشتريات الدولة ذات الاهمية تتكون من اعضاء الاحزاب الحاكمة دون غيرهم من قوى العملية السياسية ، ولكونها خاضعة لمبدأ المحاصصة سيء الصيت لذا تبقى تشهد صراعات حادة ، تنتهي في الغالب بفضائح الفساد التي غدت روائحها تزكم الانوف وتطوّح ببعض المفسدين من كبار المسؤولين في الحكومة ، كما يشمل هذا النهج ، التعينات في السلك الدبلوماسي وغيره ، وعلى العموم ان محورها الذي تدور حوله قطعاً هي تلك الامتيازات الدسمة ، فليس من السهل التضحية بها لا بالديمقراطية ولا بغيرها ، ففي الدورة الانتخابية السابقة صيغت قوانين لدوام بقاء ذات الجهات في الحكم ومنحتهم الرواتب والمخصصات الخيالية وفقاً لقوانين اصدرتها السلطة التشريعية وليس غيرها ، فكيف سيجري التعامل في الانتخابات القادمة اذاً ؟ ، ان منافع كرسي الحكم لاتعد ولاتحصى وبخاصة اذا ما كانت مقننة لصالح الطبقة المهيمنة الحاكمة .

ان الشعب العراقي بحاجة الى قيادة همها الاول والاخير الحفاظ على مصالح الشعب ووحدة الوطن ولاتسمح بالتفريط بامواله واملاكه التي تنهب نهاراً جهاراً ، ومن واجبها ايضاً رص صفوف وحدة ابنائه المخلصين دون تمييز عرقي او طائفي او ديني ، وهذا من مهام الحكومة حصرا ومن واجبات القيادات الحاكمة المسؤولة ، ومع ان الشعب العراقي الذي اكتوى بنار الطائفية السياسية والارهاب ، يسمع اليوم كلمات العزم من قبل بعض المسؤولين على محاربتها فيترقب باهتمام بالغ ، لكنه لا يرى غير الاجراءات الشكلية التي لاتردع ولا تخيف من يعتاشون على اثارة النعرات الطائفية السياسية المقيتة ، كما يسمع بمحاربة الفساد والمفسدين ولايتلقى سوى ذر الرماد في عيونه ، ففي كل يوم تنط حالة فساد اقوى من سابقاتها والسبب يعود الى التهاون وعدم انزال العقاب المناسب بالسراق لكونهم محميين باستحقاقات انتخابية ، والعتب على الذين صوتوا لهم ، بل والمسؤولية على من بيده القرار ، ان يوم حساب الناس لا مرد له فاما ان يكون الحاكم محارباً للفساد قولاً وفعلاً و اياً كان نوعه ، مالي ، او اداري ، او انتخابي ، او غير ذلك ، واما ان يتلقى الاتهامات بلا حساب .

ومن الواجب التنويه حوله هو السعي الحثيث الذي تبديه النخب الحاكمة في هذه الايام لتغير عناوينها وخلق التشكيلات الجديدة كمحاولة منها للافلات من سوء ماضيها خلال سنوات الحكم في الدورة البرلمانية السابقة التي لم تترك لها اثراً طيباً في نفوس الجماهير ، ففي المرات السابقة استخدمت القوانين لتكريس السلطة ، ولكن هذه الوسيلة قد باتت مفضوحة ، بل وتشكل ماخذاً ربما يعرض من يسخدمها الى المساءلة القانونية ، اما هذه العملية الانتخابية البرلمانية الجديدة فقد هيُئت لها آلية تغير الاشكال وتعدد الكتل والاظهار بعناوين زاهية ولكنها تنطوي على ذات المضامين ، ولا يفوتنا ان نذكر بان التعدد هنا شكلي لحين قرب الانتخابات اوعقبها في اقصى تقدير ، ثم تعود الى ائتلافاتها السابقة ، حتى وان بدت باسماء اخرى لا غبارعلى مظاهرها ، ان لعبة الديمقراطية قد يحولها البعض الى سلاح للهيمنة ، فلا مناص من تحالف القوى الديمقراطية بكافة اطيافها من داخل وخارج العملية السياسية ، تكون اولى خطواته تغير قوانين الانتخابات الحالية وزيادة اليقضة وشحذ الهمم من قبل القوى التي تريد عراقاً ديمقراطي حضاري ومستقر ، وبذلك يتم انقاذ البلاد التي تقترب من الكارثة بسبب انتشار الفساد والنهب المنظم والارهاب المصدر الينا .





 

free web counter