| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الجمعة 11/1/ 2008



الراصد

فدرالية الجنوب ابحار على زورق مثقوب

علي عرمش شوكت 

جاء الدستور العراقي على امل ان يكون مرجعا للعملية السياسة وحاميا لوحدة الوطن ، غير انه وضع تحت تصرف النخب السياسية الحاكمة ، فمنهم من اعتبره كاملا لكونه قد دون فيه ما يحقق مبتغاه ، واخر يراه مازال ناقصا ، الطرفان يستندان الى تفسيرات حسب ما يرغبان ، ولهذا ظل الدستور ومازال مجردا من (المرافقين والحراسات) التي تحميه من التفسيرات بل الاتهامات الظالمة من مختلف الاطراف ، كل حسب ما يريد وما يعزز نفوذه او يوسعها على حساب المصالح الوطنية العامة ، والخطورة في الامر تكمن ليس في المطالبة او السعي للحصول على الحقوق المشروعة كما جاء بها الدستور وانما للاستحواذ حتى على الدستور نفسه وتطويعه للسيطرة وبسط النفوذ بسبل مختلفة ما انزل الله بها من سلطان ، منها الادعاء باسترداد مظالم، خلف دعاوى دينية لااصل لها ، ومنها ايضا للحصول على اكثرمن حقوق قومية كانت مغتصبة
ومن جملة ما جاء به الدستور هو قانون الفدرالية الذي لم يعترض عليه اي عراقي منصف ، لاسيما اذا ما طبق كقانون لتوحيد الاجزاء الى دولة واحدة تلك التي تسمى (دولة الاتحاد الفدرالي) ، اي على شاكلة ما جرى تطبيقه على اثر رجوع اقليم كردستان بعد ان قطع النظام الدكتاتوري روابط صلته بالوطن الام العراق ، بيد ان الذي لم يستوعب من عموم ابناء شعبنا العراقي هو(قانون الاقاليم) الذي السق قسرا مع (قانون الفدرالية) فهو قانون ممزق ومفرق للعراق الى اجزاء بعد ما تم توحيده فدراليا وذلك بعودة اقليم كردستان اليه كما ذكرنا آنفا، ما يعني انه يعاكس الفدرالية بالاتجاه ويختلف معها بالمضمون ، وعندما يسمع بذكر لهذا القانون تتبادر للذهن على الفور الاسئلة التالية ، لماذا يقسم البلد الى اقاليم تشبه الى حد جدا قريب من الدويلات المستقلة لاسلطان موحد لدولة العراق عليها ، وتكون حتما ضعيفة معرضة للابتلاع من الدول المجاورة الطامعة ، ويمكن ان تقع تحت سيطرة قوى سياسية ذات نزعات انفصالية منساقة وراء احابيل ومطامع الاجنبية ؟ ، فاذا كان الخوف من نمط حكم الدولة المركزية السابقة والتي يتحكم بها دكتاتور غاشم يأتي عادة على دبابة وتحت جنح الظلام ، فقد ولى ذلك الزمان ولم يعد قطعا في ظل العراق الدمقراطي الجديد ، واذا كان الخوف من ان يأتي الدكتاتور كما جاء هتلر على سبيل الذكر وذلك بواسطة الديمقراطية والانتخابات ؟ فان ذلك لارصيد له حيث الاكثرية المحررة بخاصة من الوصايات والفتوى والتي تذوقت طعم الحرية وكسرت قيود الاستبداد ، هي الى جانب اختيار الحاكم العادل وفق آليات ديمقراطية يضمنها الدستور وتتمسك بها غالبية القوى الوطنية العراقية .
ان هذه الحقائق تدعو الى طرح ذات الاسئلة حول الدعوة الى تشكيل (فدرالية الجنوب) واغرب ما في هذه الدعوة هي انها تأتي من قوى الاكثرية على نطاق العراق ، وهي ضامنة اذا ما آمنت بألآلية الديمقراطية لاستلام (صولجان) الحكم بكل بساطة ، و سيكتب لها دوام البقاء على رأس الدولة المركزية خصوصا عندما تتعامل مع كافة مكونات شعبها بعدالة اجتماعية انسانية بعيدة عن الاقصاء والتكفير والطائفية ، والفساد المالي والاداري الذي يقوم على غمط حقوق الاخرين دون اي واعز من ضمير، هنالك من يقول اذاما اقيمت فدرالية كردية فلماذا لم تقم فدرالية عربية لتتوازن معها ؟! والغرابة في هذا القول كونه يطلق من قبل العرب العراقيين الذين يشكلون الاكثرية الساحقة في البلد ، وبايديهم السلطة المركزية ومع هذا يلجأون الى التقوقع باقليم مجزأ من البلد الكبير، اما الامر المريب والاكثر غرابة فيه هو حصره في (الجنوب والوسط) وهذا ما يلقي الشك عليه ، حيث ان عزل العرب السنة في المحافظات الغربية يجعله فاقدا لصفته الوطنية العراقي وكذلك لنسبه العربي ، ويمكن ان يطلق عليه بكل سهولة انه اقليم طائفي بأمتياز، ولايخفى عن معرفت احد بان سكان الوسط والجنوب هم من الطائفة الشيعية الا بعض الاستثناءات القليلة شاء اصحاب هذه الدعوة ام ابوا ، فهل يتمكن احد ان يقول بان هنالك نتفة امل لغير الشيعي ان يكون حتى مشاركا بموقع قرار في مثل هذه الفدرالية ؟ .
ان هذه الفدرالية المعهودة ليس لها اساسات تقتضي قيامها ، كما هو الحال بالنسبة للفدرالية مع اقليم كردستان ، التي تفرضها حقوق قومية معترف بها من قبل الشعب العراقي ، ولا مناص من تحقيقها لخلق توازن ضروري لاركان الدولة العراقية ، ولكن (فدرالية الجنوب) سيخلق قيامها اغتصاب حقوق المواطنة العراقية من سكنة الاجزاء الاخرى من العراق، لانه ووفقا لقوانينها سوف يجرد المواطن العراقي من غير سكنة الجنوب والوسط من حقه كعراقي له الحق المطلق في الاقامة والعمل وشراء المسكن في اي مكان من وطنه وتحديدا داخل نطاق هذه الفدرالية ، وربما سيكون كأي اجنبي عليه ان يحصل على (فيزا) اولا ، والسماح له بالاقامة المحدد ثانيا ، ولايعلم احد بما هي الممنوعات والمحرمات الاخرى التي ستفرض على المواطن العراقي في حينها ، وخلاصة القول ان هذه الفدرالية اذاما تحققت ستقدم للعراقيين صورة مجسمة للمحاصصة المقيتة وهذه المرة ليست في مجال السلطة والنفوذ والاموال ، وانما في تراب الوطن وتقسيمه الى دويلات لاحول ولاقوة لها امام دناصورات شرسة دولية واقليمية طامعة ، وتكون حالها كحال ذلك الذي يبحر في عباب المحيطات على ظهر زورق مثقوب .



 


 

free web counter