| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

 

الخميس 11/ 10 / 2007

 

 


السلطة .. غنيمة من انقاض بلد منكوب !!

علي عرمش شوكت

كما هو حاصل في الوضع العراقي ان من يمتطي صهوة السلطة يرى الناس والعادات والتقاليد و القوانين تحت اقدامه !، حيث ان منافعها ذات فاعلية للحد الذي بامكانها تغيير حتى ( الجينات ) لبعض الطارئين عليها ويجهلون كل ابعادها ماعدا امتلاك منافعها الثلاث وهي : قوة القمع ، الجاه ، المال ، التي عندما يرتدي جلبابها البهي الزاهي يرى نفسه منيعا حتى من قدرة القادر ! ، وعليه يمكن ان يتناسى ببساطة شديدة اقرب الناس عليه ، وربما حتى من اتى به الى سدة الحكم ، هذا وناهيك عن شعوره الحانق ، بل والشرس على الاغلب تجاه من يريد مجرد مشاركته في هذه ( الغنيمة ) ، هنالك مقولة - للسلطة رجالها - غالبا ما تردد حينما يشار الى كفاءة هذا او خيبة ذاك ممن يصلون الى دفة الحكم ، ورأي الرعية هذا يعتبر نتيجة اختبار حول القدرة على ادارة مفاصل السلطة لخدمة اغراض وحاجات المواطنين المفترضة .
ان استلام السلطة هو اختبار على الهواء لايمكن التهرب من الاجابة على ما يسأل عنه المواطنون حول تحقيق العدالة وتوفير ظروف العيش الآمن والكريم والحفاظ على سيادة الوطن وكرامة اهله ، وعدم تحقيق هذه المطالب يكاد يكون هو الحد الفاصل بين المواطن والمسؤول ، طبعا يكون ذلك في الوضع الاعتيادي ، حينها يصبح المواطن باحثا عن اية وسيلة اخرى لتحقيق ما يصبو اليه ، ربما بالوسائل السياسية اذا ما كانت ثمة حياة ديمقراطية ، وبعدمها يلجأ في الاغلب الى التمرد العنفي فيسارع المسؤول الى نعته بالمعارض او بالمخرب او بالمتآمر المطلوب رأسه ، كل ذلك يبرره بدعوى التهديد الخارجي اكان ذلك حقا ام بطلا .
هذه صورة لمعادلة السلطة والمواطن قد توجد في العديد من البلدان المتشابهة في نمط الحكم ، ولكن في العراق اليوم قد تختلف هذه المعادلة تماما بطبيعتها المنفردة ، فصيغة الحكم ديمقراطي ، بمعنى ان من جاء الى السلطة اتى عن طريق الانتخابات ( اصوات الاغلبية ) ولكن ظلت هذه الكثرة بالذات محرومة من العيش الآمن الكريم ، ومن العدالة وحقوق المواطنة المتساوية ، وكذلك عدم الاحتفاظ بسيادة وطنها !! ، كما ظلت المعارضة ايضا تأخذ وسيلة العنف ولاتتعامل مع العملية السياسية ولاتعترف بها مع ان اغلب القوى السياسية العراقية منخرطة بها ، والاكثر غرابة ان العديد من المشاركين في هذه العملية يعارضون سياقاتها في ادارة شؤون الحكم ، فاي عاقل لايتوانى من الاشارة الى اسباب هذا الاختلاف او يمكن تسميته الاختلال في معادلة الحاكم والمحكوم .
ومن دون مواربة ان الاسباب تكمن اساسا في ضعف القيادة السياسية ويعود ذلك الى استثمار من بيدهم السلطة لمواقع اتخاذ القرار واعتبارها كغنيمة شخصية لايجوز المشاركة فيها ، ويتجلى ذلك بحالات الاقصاء والاستفراد بالقرار، ونتيجة طبيعية اذاما كانت ردود الفعل هي عدم التفاعل مع قرارات الحكومة ، اما اذا لجأت السلطات الى استخدام القوة لتطبيق القانون او القرارات التي تصدر عنها فلا يدوم ما تريده الا لفترة وجود القوة العسكرية في الميدان فقط ، كما ان وجود مليشيات مرتبطة باطراف السلطة تحكم مناطقها بقوانينها الخاصة التي غالبا ما تكون قوانين ما انزل الله بها من سلطان فذلك مظهر صارخ من علامات ضعف الحكومة ، اما الفساد المالي والاداري فينتصب كأبرز تجليات اعتبار السلطة غنيمة لدى المسؤولين، ومع ان منافذ تسرب اموال الشعب الضخمة التي لاحصر لها ، الا ان الافقار يجري بصورة طردية متواصلة ، فكلما زاد الفساد والسرقات زاد العوز والفقر وارتفعت تكاليف المعيشة وبخاصة للاغلبية التي هي وليست غيرها القوى التصوتية لمن هم على رأس السلطة ، ويضاف الى كل ما تقدم والذي امر وادهى وهوعدم وجود اي احتجاج او اعتراض رسمي واضح لذلك التدخل الاقليمي السافر وعلى مختلف الاصعدة في شئون البلاد والعباد ، اما الوزارات فكل واحدة منها قد تحولت الى اقطاعية خاصة لوزيرها ويتكون هيكلها الوظيفي بالكامل من طائفته بالذات ، بحيث يصعب الدخول اليها ، وحتى لو استقال الوزير المعني فلايتمكن حتى رئيس الوزراء نفسه من تعيين وزير اخر بديلا عن المستقيل ، وان حالة الاستعصاء في تعيين وزراء جدد للوزارات التي استقال وزراؤها تشهد على ذلك ، فهل يوجد اكثر من هذا التفرد في ملامح وطبيعة السلطة العراقية اليوم ، ولا اكثر من هذا الاستحواذ والاستثمار على كونها غنيمة تحت تصرف من بيديهم السلطة ، ولكن مستولى عليها من بين انقاض ركام بلد منكوب .