| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأحد 11/10/ 2009



 النخبة الحاكمة في مهب ريح القائمة المفتوحة

علي عرمش شوكت
 
يميل المتابعون السياسيون للوضع السياسي العراقي الى احتمال اشتداد الصراع مصحوباً بتداعيات قد تقلب الموازين بين رموز العملية السياسية ، اما ميدان احداثيات هذا الصراع فلا تخرج عن مفترق الطرق بين القائمة المفتوحة والقائمة المغلقة ، ان نهاية مشوار الدورة البرلماني للسنوات الاربع الماضية قد اظهرت بوضوح عجز التشكيلة الحاكمة في ادارة الدولة بما تتطلبه عملية اعادة بناء العراق الجديد ، وبخاصة اعادة لحمة ابنائه التي مزقتها الصراعات الطائفية والعرقية والمحاصصات السياسية ، كما ان استشراس المفسدين وانتشارهم عمودياً فضلا عن امتدادهم الافقي ، كل ذلك ما هو الا نتيجة لوجود اناس غير اكفاء تسلطوا على راس مؤسسات الدولة ، اذ يعود ذلك اصلاً الى استغلال نتائج انتخابات مجلس النواب عام 2005 التي قامت على اساس القائمة المغلقة .

هذا التاسيس للممارسة الديمقراطية قد حولها الى مجرد وسيلة ( باج ) عبور وتجاوز قواعد وقوانين الديمقراطية ذاتها ، وكان قد جرى في ظل حمايتها مرور صفقات بين الفائزين الكبار كانت مفرداتها ، وضع الشخص غير المناسب على راس المسؤولية ، هذا ما عزز الفساد الاداري الموروث من النظام المباد ، وتبعاً لذلك انتشر الفساد المالي الذي يكاد يقصم ظهر العملية السياسية ، ولا تفسير لهذه الحالة غير كونها نتيجة للقائمة المغلقة ، التي غررت بالناخب واستغفلت النخبين بتنصيب اصحاب الشهادات المزورة في مناصب الدولة المسؤولة عن حياة الناس ومصير البلد ، الفشل كان الحصيلة النهائية ، ومن دوافع تبعاته المؤلمة ينطلق المواطنون العراقيون جميعاً للتمسك بالقائمة المفتوحة لغاية ازاحة المفسدين والفاشلين والمزورين عن عملية ادارة الدولة وبنائها من جديد .

ولعل مجسات الاشعار عن بعد بالخطر لدى ازلام القائمة المغلقة قد ارسلت احداثيات حجم وتأثير زخم المطالبة بفرض القائمة المفتوحة على مستقبل بقائهم في كراسي الحكم بعد الانتخابات التشريعية المقبلة ، اذ بات الناخب العراقي على بينة من الذي سيكون جديراً بتحقيقها ، كما استفاق من وهم احقية التصويت الى الطائفة او الى القومية او الى المذهب ، ومع ان النائب ينبغي ان يكون نائباً لكل ابناء الشعب ، ولكن نواب الطوائف قد فشلوا عن ان يكونوا نواباً لطوائفهم ولم يتلمسوا معاناة ابنائها من البطالة والعوز وسكن العراء الذي استفحل خلال الدورة البرلماية المنتهية والتي تمت على اساس التخندق والتجييش الطائفي والعرقي ، هذا وناهيك عن الضعف المتدني للخدمات ، وهنا لابد من وقفة تأمل وانصاف وذلك بعدم تجاهل الامن والذي تحققت فيه انجازات ملموسة ، وعلينا ان نوزع انصافنا بعدالة ونذكر بان هذا الانجاز الامني قد تحقق بفضل انخراط المواطنين في سلك القوات المسلحة من جيش وشرطة ورجال امن وبخاصة من ابناء الفقراء الذين اشتروا التوظيف في هذا السلك بمئات الدولارات !.

ان ما تقدم من تحرك للارادة الشعبية نحو اعتماد القائمة المفتوحة قد جعل النخبة الحاكمة في مهب ريح هذه القائمة ، وعليه اخذت تعتمد سبل دفاعية مختلة كانت في مقدمتها اثارة المخاوف حول هذه القائمة ، بزعم انها تأخذ اصوات اهالي محافظة معينة وتعطيها الى نائب في محافظة اخرى ، دون ان تدرك بان هذا الادعاء يبث روح الانقسام بين ابناء الشعب العراقي ، ويلغي مبدأ ديقراطي هام جداً ينص على ان النائب هو نائب لكل الشعب وليس لمحافظته ، ومن الادعاءات الممجوجة الاخرى ، هو ان الكشف عن اسم المرشح يجعل الانحياز القبلي لاعباً في تغيير نتائج التصويت ، ودون ان تدرك ايضاً عدم جواز هذا الزعم الذي يتجاهل ارادة الناخبين ومصادرة حرية الاختيار ، ويعكس في ذات الوقت جهلاً مطبقاً في الممارسة الديمقراطية ، كما انه يحاول اعطاء حق التلاعب في العملية الانتخابية دون اي مسوغ قانوني .

ومن نافلة القول ان تعالي الاصوات الرافضة للتجاوزات على قواعد العملية الانتخابية تبشر حقاً بتزايد الوعي الديمقراطي لدى المواطنين وتخلق حالة احتراس مطمئنة من التلاعب بقانون الانتخابات ، الذي يواجه عملية إلغام خطيرة ، وذلك بإلغاء الدائرة الانتخابية الواحدة ، وزيادة اعمار المرشحين ورفع مستوى التحصيل الدراسي الى درجة اكاديمية ، الامر الذي يحرم فئة الشباب التي تحطم مستقبلها العلمي بسبب الحروب العبثية من حق الترشح ، فضلاً عن محاولات اعتماد التصويت السري لاخفاء ما يجب اعلانه ، والذي يعكس هروباً من واجب مكاشفة الناخبين بحقائق الامور ، كما ان محاولة اجبار الناخب على انتخاب ثلاث اسماء واعطاء الحق لرئيس الكتلة باختيار احدهم ، ما هو الا لغماً ناسفاً لاعتماد القائمة المفتوحة .

ان التشبث في سبيل البقاء على قمة الحكم دون اختيار المواطنين لن يؤدي الى الخروج من دائرة احتكار السلطة ، مما يخالف القواعد الدستورية ، ويؤسس لدكتاتورية من طراز جديد ، والامر متروك للناخب وحسن اختياره .
























 

free web counter