| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأربعاء 10/3/ 2010



 لا مناص من الاعتصام بحبل التدول السلمي للسلطة

علي عرمش شوكت
 
باصبعه البنفسجي نفض الشعب العراقي اكوام غبار الدعايات الانتخابية التي جلبت له انشداد الاعصاب ووضعته في حالة استنفار متواصل ، الا انه خرج منها متجلياً وغير آبه لكل ما قيل ونشر واعلن وعلق من صور تلك الدعايات ، التي سيصمت معظمها الى الابد عند بدء ساعة الصمت الاعلامي اي قبل يوم الانتخابات باربع وعشرين ساعة ، حتى في حالة فوزه تجده زائغاً عن تلك الوعود التي قطعها على نفسه ، وكان المواطن العراقي قد خبر خلال الدورة البرلمان الماضية من هم الذين خدعوه ببراقهم الطائفية والقومية ، وعليه توجه بوعي عال هذه المرة الى صناديق الاقتراع وكان اختياره بواعز وطني ليس الا ، ما عدا البعض الذين مازالوا لم يتلمسوا طريقهم المؤدية الى الحياة الآمنة والكريمة بعيداً عن الولاءات الجاهلة .

وقد جاءت نتائج الانتخابات الاولية لتعكس مدى التحول الذي طرأ على وعي الناخب مع انه لم يصل الى المستوى المطلوب لاجل بناء الدولة الديمقراطية الحديثة ، ولكنه يحسب سابقة لم تحصل في عموم المنطقة بالقياس الى الظروف التي احاطت بالعملية السياسية العراقية عموماً وبالعملية الانتخابية على وجه الخصوص ، والى هنا لايوجد ما يخشى منه في مجرى الانتخابات ، ولكن المقلق حقاً هو الصراع على مواقع السلطة على ضوء النتائج النهائية التي ستظهر في نهاية هذا الاسبوع ، ان الصراع المقبل سيكون سلاحه الفاعل هي التحالفات والتنازلات التي تحكمها المصالح الحزبية الضيقة على الاغلب ، وما يعنيه ذلك ان المصالح الوطنية العامة واحوال المواطنين ستركن كالعادة لحين عشية انتخابات برلمانية قادمة .

وتأسيساً على ما اشيع من تكهنات حول نتائج الانتخابات من ان الكتل الكبيرة قد غادرت جميعها ساحة الاغلبية ، فضلاً عن تطورات دراماتيكية في بعضها نحو الانكسار ، كما حصل في قائمة التحالف الكردستاني ، او التدهور الذي حل بقائمة التوافق ، او التراجع قليلاً لقائمة الائتلاف الوطني ، كل ذلك يدعو الى ضعف التفاؤل في سلاسة تشكيل الحكومة المقبلة ، كما انه سيطلق العنان لتشبث كل قائمة بمطاليبها انطلاقاً من شعورها بكونها الحفنة التي ستثقل كفة من يريد تشكيل الحكومة ، ومن دونها سيبقى توازن الامور مختلاً ، وربما يصبح هذا الهاجس لديها دافعاً للتطلع باتجاه مسك صولجان رئاسة الوزراء ، الا ان آلية كانت معتمدة ستبقى لها حظوظ في التشكيلة القادمة الا وهي المحاصصة ولكنها خلف واجهة التوافقات والتحلفات الحكومية .

ولكن ستسفر النتائج النهائية عن خارطة جديدة للساحة السياسية العراقية ، وسيكون فيها التسابق باتجاه جمع الاغلبية من المقاعد البرلمانية هو الخط الاكثر سخونة من غيره ، حيث ان حصول هذه الاكثرية لدى اي طرف من الاطراف والكتل المتسابقة سيشكل سلم الصعود الى سدة الحكم ، ووفقاً لآلية تشكيل ( حكومة الاكثرية ) من شأنها ان تحول كافة الكتل التي هي خارج دائرة الاكثرية الى معارضة برلمانية ، اي بمعنى ستكون بعيدة عن مواقع القرار التنفيذي ، وهذا بحد ذاته سيشكل مقتلاً لبعض الاحزاب السياسية التي ذاقت طعم السلطة وتنعمت بفوادها الجمة ، وبات ليس بامكانها ان تستوعب العودة الى مواقع الرعية ، ومما لا شك فيه عند هذه العتبة سيحصل التزاحم لا بل التقاتل في سبيل الاطاحة بالاخر ، الا انه اذا ما تواجد عقلاء واعتصموا بحبل التداول السلمي للسلطة ، حينها سنرى ضوءاً في نهاية النفق كما يقال لحكومة عراقية جديدة .

انما حصول الانقسام المعتاد للبرلمان القادم بين معارضة وموالاة سيكون كفيلاً بتحسن الاداء الحكومي وكذلك التقليل من الفساد الاداري والمالي اذا لم يصار الى القضاء عليه ، كما ان محاولات تمرير الاجندات غير الوطنية سيكون مآله الاستعصاء التام ، اي بعكس حكومة الوحدة الوطنية التي تغيب عنها رقابة المعارضة ، اللاهم الا اذا توافقت المعارضة مع الموالاة ، وهذا بالامر غير الهيّن في ظل هذه الصراعات التناحرية بين القوى السياسية التي تتصدى للعملية السياسية ، اما الاهم من كل ذلك فهو مرهون بطبيعة القوى السياسية التي ستشكل الحكومة ، الى هنا وننتظر نتائج الانتخابات .






 

free web counter