| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

 

الجمعة 10/ 8 / 2007

 

 


مسيرة الف عقدة تبدأ بخطوة المصالحة


علي عرمش شوكت

هنالك هوسة ( اهزوجة ) شعبية عراقية تقول : - احنه النخبطه ونشرب صافيها - فدعونا نعترف ان العملية السياسية قد خبطتها ( مزجتها ) النخبة السياسية الحاكمة بكل اطرافها ، وباتت مبهمة الافاق ، زد على ذلك دورالعوامل الخارجية التي غدت كالوباء المستوطن في الجسد العراقي ، واذا ما آمنا بتلك الهوسة الشعبية وبعد هذا الخبط فكيف ياترى سيشرب العراقيون صافيها ؟؟ ، ان العديد من المهتمين والمعنيين بالقضية العراقية الباحثين عن حل يصل بالشعب العراقي الى شاطئ الامان ، يتصورون ان انهاء المحنة يكمن اولا في التوافق بين الكتل السياسية ، ومن ثم معالجة العقد الاخرى ، فقراءة جادة للمشهد العراقي ومن خلال مسيرة اربع سنوات مضت يظهر ان التوافق المنشود قد حصل وبخاصة بعد الانتخابات الثانية ، حيث توافقت اغلب الكتل واشتركت بالعملية السياسية ، ولكن كان ذلك التوافق كسيحا يعاني من علة المحاصصة الطائفية والعرقية ، ولهذا لم يتمكن من النهوض بمهمة ايصال الشعب العراقي الى الاستقرار والامان والتطور والقضاء على الارهاب والتخريب ،بل العكس قد خلق هوة فاصلة بين اولويات النخبة الحاكمة وما يفترض ان يأخذ الاهتمام الاول في معالجة الوضع ، واستمرت تلك المسافة بالاتساع مما خلق مناخا صالحا لوجود الف عقد وعقدة .
لابد لمسيرة العملية السياسية ان تستمر في التقدم ولكن ليس على السكة الحالية ، وانما ينبغي ان تبدأ بخطوة المصالحة اولا ، وهنا يقتضي تعريف المصالحة الحقيقية التي تعني قطعا العدالة السياسية ،اي المشاركة على سكة المواطنة والكفاءة لكل من يؤمن بالعملية السياسية وبآلالية الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة والتعددية السياسية والفكرية ، والفدرالية ودولة القانون، ولامرجعية غير الدستور الذي ينبغي ان يحظى برضى كافة العرااقيين ، وقطع الطريق امام اي نفس طائفي في الحكم ، وهذه هي الخطوة الاولى في مسيرة الف عقدة في الازمة العراقية ، اما العقد الالف الاخرى فسوف تتماهى مع ارساء الخطوة الاولى التي ستقضي على البيئة الموبوئة بسرطان الطائفية الخطير ، ومنها ستنقطع مقومات البقاء لكافة الطفيليات الارهابية التكفيرية التخريبية والتي عادة ما تحيى في مناخ الخلافات والاستقطابات والفصل الطائفي الذي يعتبر من اشد الاسباب تأثيرا في محنة العراق.
واذا ما ظلت المحاولات تدور في اطار الترقيع والبقاء على ذات السكة التي لم تؤد سوى الى الخراب وادامة الاحتلال وموصلة قاوافل الموت المجاني للعراقيين المغلوب على امرهم ، وحينها لن يبقى في العملية السياسية رمق يذكر في ظل المشاحنات والمكاسرة بين الدناصورات الطائفية ، ان الوصف الاكثر دقة للوضع القائم في البلاد هو المقامرة بمصائر البلاد والعباد ، وكالعادة يبقى المقامرون ماضين في غيهم ، فكلما خسروا كلما واصلوا لعبة المقامرة الخاسرة املا بالربح !، وهذا ما هو جلي تماما، فالكتل السياسية المتنفذة الحاكمة تبدوا انها قد استمرأت هذه المحرقة طالما هي مازالت تتمتع بامتيازاتها الذاتية والحزبية الضيقة خلف الادعاء الباطل بالحرص على مصالح من تمثلهم ، ولهذا لاتذهب بعيدا عن مساعي الترقيع ونتف الحلول التي باي حال من الاحوال لاتؤثر سلبا على مصالحها الذاتية الضيقة جدا ، وفي سياق ذلك نراها تدوس وعن دراية لا لبس فيها حتى على مصالح من تدعي تمثيلهم ، ونخلص الى القول بان الحل في اولوية التوافق بين الكتل السياسية المتقاسمة الحكم واللجوء الى لعبة تبادل المواقع ، لايعني سوى الدوران في دوامة ليس لها منفذ يفضي الى انهاء الازمة الطاحنة التي يعيشها شعبنا .
فالتوافقات والتسويات بين هذه الكتل قد جربت واخذت اربع سنوات من الزمن الملتهب الذي ذهبت في محرقته مئات الالاف من ارواح الابرياء ودمر حتى ما كان متبقيا بائسا من البنية التحتية ، وعم الفساد الاداري والمالي وتمزقت بشكل مريع الوحدة الوطنية ، وسادت شرائع المليشيات في مناطق نفوذها ، وكل ذلك يتناما ويتسع في مناخ الخراب والاحتراب ولاتنتهي هذه الكارثة الا بخطوة المصالحة الشاملة الجريئة اولا واخيرا ، دعونا هنا ان نتذكر وبتجرد قول المرحوم السيد الخميني عندما وافق على ايقاف الحرب مع نظام صدام حيث قال: اتجرع كأس السم في الموافقة على ايقاف الحرب ، فهل يبادر المعنيون بتجرع مرارة التنازلات المتبادلة لكي يتذوق شعبنا حلاوة المصالحة التي ازعم انه ينتظرها بفارغ من الصبر .