| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمير أمين

 

 

 

 

الأحد 3/2/ 2008

 

على اية هوية يمكن أن أقتل ؟

أمير أمين

وأنا أتوجه بالسفر للمرة الثانية الى العاصمة الحبيبة بغداد انتابتني فجأة مشاعر مختلطة من الفرح والخوف والأشتياق ودارت في رأسي بعض التساؤلات التي اعتبرتها مشروعه الى حد ما وكان منطلقي في ذلك ما أشهده وأسمعه في الوضع العراقي الراهن, حيث كان أولها هو: اذا صادفت السيارة التي ستقلنا الى بغداد مجموعة ارهابية مسلحة وقامت بانزالنا عنوة وبقوة السلاح لغرض فرزنا على أساس الهوية الدينية أو القومية أو الطائفية من أجل تلافي الخطآ الذي قد يحصل حينما تتم تصفيتنا الجسدية من قبلهم!, فماذا سأقول لهم حينما يأتي دوري في الأجابة؟ أأحكي لهم من أنا شفهيآ؟ أم أستخدم الوثائق الثبوتية, والتي أحملها معي وهي شهادة الجنسية العراقية وهوية الاحوال المدنية. وافترضت أن الارهابيين هم من القاعدة وليسوا من جيش المهدي, وهم في غالبيتهم الساحقة من عرب الجنسية ومن الطائفة السنية, فماذا سأقول لهم حينما يدققون النظر مليآ بهويتي, حيث أن اسمي الأول غالبآ ما يطلقه الشيعه على أسماء أولادهم تيمنآ بعلي أمير المؤمنين, وان شاهدوا مكان ولادتي في الناصرية فانهم سيقولون حتمآ أنه شيعي لأن اغلبية سكان هذه المحافظة هم من هذه الطائفة, كما وأن الهوية مثبت بها أن المهنة هي مهندس زراعي, والمعروف عن هؤلاء كرههم للعلم والكوادر العلمية, فسوف أذبح من قبلهم دون نقاش. لذلك فكرت أن أبرز لهم شهادة الجنسية العراقية, وقلت مع نفسي معللآ ذلك بأن فيها قد ثبت ميلاد والدي في مدينة الموصل والانتساب لهذه المدينة ربما يشفع لي عندهم لأن أغلبية سكان هذه المدينة العرب هم من الطائفة السنية وأعتقدت بأنهم سيفكرون بحكمة ورجاحة عقل فبما أن والدي مولود في الموصل وأنا ابنه لذلك سينعكس انتماءه الطائفي عليّ, فرحت لهذه الفكرة قليلآ وقلت لنفسي حتى لو شاهدوا أن ولادة أمي في أربيل كما هو مثبت في هذه الوثيقة فسوف لن يعيروا اهتمامآ لذلك لأن المذهب لا يتبع الأم وربما سيفكر أحد العقلاء منهم ان وجد ويقول لأصحابه أن الأكراد هم منا ثم يلتفت لي قائلآ : تفضل أخي خذ شهادة جنسيتك واصعد بالسيارة.. انتابتني رعدة مفاجئة واحتقرت نفسي لأنني فكرت بإنقاذها دون الاخرين الذين سوف يساقون للذبح على هوياتهم. فكرت للحظة وقلت: حشر مع الناس عيد , وليكن ما يكون..,ولكن ما العمل في حالة لو فتشوا حقيبتي وبها جواز سفري الأجنبي, تعبت من التفكير بينما كنت مستلقيآ على سرير نومي في أحد فنادق أربيل, أهيء نفسي للسفر فجر الغد الى بغداد... وأخيرآ استقر رأيي على أن أوضح لأي جهه تستجوبني بعد الأختطاف هويتي الواقعية والتي أشعر بها دائمآ.. فكرت أن أناقشهم بهدوء قائلآ: أنني مواطن عراقي ,عربي ومسلم ولا أفرق بين الأديان والقوميات والطوائف, وأن والدي كان مسيحيآ آشوريآ قبل أن يتزوج أمي ودخل الأسلام بمفرده من بين أفراد عائلته في سن الشباب وانتمى الى المذهب الشيعي الذي ينتمي اليه الأغلبية الساحقة من سكان بلدنا في المناطق الوسطى والجنوبية خصوصآ وزار مكه وأدى العمرة هناك وعاش بقية حياته في الناصرية ومات فيها ودفن في النجف الأشرف في مقبرة وادي السلام بينما بقي جميع أفراد أسرته على دينهم ولم نرهم ولم نسمع عنهم أي شيء طيلة حياتنا... وسأوضح لهم أيضا بأن والدتي عربية مسلمة وهي شيعية المذهب متبعة مذهب والدي ووالدتها التي تنحدر من أب تركماني شيعي وأم عربية شيعية أما والد أمي فهو رجل كردي من أهالي السليمانية مسلم سني له بالأضافة لوالدتي خمسة أبناء ينتمون الى الطائفة السنية ولكنهم لا يجيدون التحدث بلغة والدهم وجرى قتل أحدهم في نيسان 2007 لأسباب طائفية. وأخيرآ فكرت أن أقول لهم الحقيقة بأنني لست متدينآ ولكني أحترم الأديان والمتدينين الحقيقيين, ولذلك قمت أنا واخواني بمساعدة والدتنا ماديآ وسافرت الى مكة لأداء فريضة الحج قبل عدة سنوات.. بعد لحظات شعرت بأن هذا مجرد هذيان حيث أنهم سوف لن يسمحوا لي بأضاعة وقتهم الثمين بالأنصات لكل هذا الكلام وسوف يوجهون لي سؤال واحد محدد وعليّ الأجابة عليه سريعآ.., قل بسرعه ,هل أنت سني أم شيعي.؟ وستكون بنادقهم بالتأكيد موجهة صوب رأسي... غلبني النعاس ونمت بضعة سويعات نهضت بعدها حوالي الساعة الخامسة فجرآ ,وبدلآ من أن يوقظني صديقي الشاعر الشعبي اسماعيل محمد اسماعيل كما اتفقنا على ذلك مساءا رحت طارقآ باب غرفته والتي تقع بنفس الطابق من الفندق.. وما هي الا بضعة دقائق حتى أوصلنا سائق التاكسي الى الكراج..لاحظت سيارة كبيرة متوقفة والناس تصعد اليها بهمة ونشاط ملحوظ ,وضعنا حقائبنا داخلها وتوجهنا لحجز مكانين. لاحظت ان السيارة تغص بالنساء والأطفال فأطمأن قلبي كثيرآ وزاد من ذلك هو ما قام  به  السائق  من وضع سيديات dvd في جهاز التلفزيون الصغير الموضوع فوق رأسه للتسلية ودرء الخوف...انطلقت السيارة الكبيرة ومررنا بعشرات السيطرات وصعد نحونا جنود وشرطة مختلفين في كل مرة من ناحية أشكال وجوههم والملابس العسكرية التي يرتدونها, كان بعضهم يضع نقاب على وجهه أو يلف رأسه بمنديل أو أنه يعتمر طاقية عراقية أو أمريكية أو بدون غطاء للرأس في كثير من الأحيان..تناول أحدهم هويتي وهمس قائلآ أنها قديمة روح بدلها... ومن خلال تفحصه الكثير لها وأيضا من خلال هيئته العامة اعتقدت أنه لا يقرأ ولا يكتب ولكنه قارنها مع هويات الشباب الجديدة فعرف انها غير نافذة المفعول فوعدته بأني ذاهب لغرض تجديدها.. أما البقية فكان بعضهم يأخذ الهوية ويعيدها بعد لحظات بينما يقوم الاخرون بالنظر في وجوهنا فقط. أنهم أشكال غريبة مثيرة للريبة يشبه بعضهم الأرهابيين خاصة وأن عدد غير قليل منهم لم يحلق ذقنه منذ عدة أيام... بعد أكثر من 7 ساعات وصلنا الى كراج النهضة بسلام, ودعت صديقي الشاعر اسماعيل {ابو محمد} وأخذ كل منا تاكسيآ الى الجهه التي يقصدها.. طرقت باب بيت أخي ,فصاح أبن أخي الأصغر: ماما جاء أبو الكهرباء حيث أنه اعتقد أن القادم نحوهم هو قاريء مقياس الكهرباء.وبقي طيلة اليوم ينظر لي بخجل لأنه أخطآ في معرفتي تلك اللحظة, ولأن أحد أصدقائي الأعزاء حلفني أن أعود الى أربيل بالطائرة خوفآ على لذلك قررت العودة الميمونة بها ووصلت الى أربيل في اليوم التالي بعد أن أفترشت أرض المطار ونمت هناك منتظرآ طائرة يوم غد وعلمت أن طائرتنا كانت محجوزة لأناس آخرين...المهم أنني وصلت أربيل بعد تأخر دام أكثر من 27 ساعه فقط.

 

free web counter