| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمير أمين

 

 

 

الأثنين 21/7/ 2008



أربعون عام على إغلاق سجن نقرة السلمان !!

أمير أمين

في اليوم الثاني لإنقلاب 17 تموز عام 1968 ، تم تشكيل (مجلس قيادة الثورة )من سبعة أشخاص هم البكر وعماش وحردان والنايف والداوود وسعدون غيدان وحماد شهاب.
بعد ذلك بثلاثة أيام وفي 21 تموز أصدر هذا المجلس قراراً قضى بموجبه - إغلاق سجن نقرة السلمان - ، ومما جاء في القرار ( وذلك إنسجاماً مع مباديء الثورة وأهدافها في القضاء على عوامل التفرقة وعدم العدالة والإرهاب المناقضة لحقوق الإنسان !!! ) وقد إستبشر العراقيون خيراً بهذا القرار وبنى الكثير منهم الآمال الجسام عليه وبأنه سيفتح صفحة جديدة من تاريخ العراق السياسي ، من خلال إتساع نطاق الحرية وإحترام الرأي الآخر وإقامة سلطة العدل والقانون ....الخ ، ولكن الفترة التي أعقبت الإعلان الرسمي عن إغلاق السجن أثبتت أن هذه الأماني كانت مجرد وهم وخيال !!!
لا يوجد عراقي لم يسمع بهذا السجن الصحراوي الرهيب الذي بني في قضاء السلمان والذي يبعد حوالي 150 كم عن مدينة السماوة والذي سبق وأن بني من قبل القائد البريطاني كلوب باشا لكي يعمل منه قلعة عسكرية حصينة لجنوده ، لكن الحكومات حولته الى سجن للوطنيين المعارضين لسياساتها ، ثم بني سجن آخر في نفس المكان في عام 1946 ، وخلال سنين طويلة أصبح سجن نقرة السلمان مدرسة للثوريين وخاصة أعضاء الحزب الشيوعي العراقي ونخبة كبيرة من أبرز قيادييه وفي المقدمة منهم الشهيد سلام عادل ، ولا زال الكثير من الشيوعيين وغيرهم من السياسيين الآخرين يتذكرون تلك الأيام العصيبة التي أمضوها في هذا السجن وخصوصاً بعد إنقلاب 8 شباط 1963 وما ذاقوه داخل زنزاناته الرهيبة على أيدي عصابات الحرس القومي الإجرامية ، ولكنهم كانوا يزدادون بسالة وقوة وتحدي عكسه صمودهم البطولي بوجه الجلادين ،
وحينما نعود الى قرار الإغلاق وندرس بروية ما جاء فيه ، وهل كان ما سمي بمجلس قيادة الثورة صادقاً في تحمل تبعات مثل هكذا قرار وطني كبير !؟
الجواب بكل بساطة سيكون بالنفي بالطبع !! من خلال ترك بنايات السجن كما هي !! ولم يفكر قادة إنقلاب 17 تموز بتهديمها !! والأنكى من ذلك أنه بنى لاحقاً سجناً آخر شبيه بقلعة أربيل خصصه للأكراد المبعدين مع أطفالهم وعوائلهم ( أي إحتوت نقرة السلمان على ثلاثة سجون بدل الواحد ! ) ومورست أقذر الوسائل بحق أبناء وبنات الشعب الكردي من خلال القتل والإغتصاب والدفن لبعضهم أحياء ، والقبور الجماعية التي كشفت عنها محاكمة مجرمي الأنفال بحق الكرد لهي شاهد على ذلك!، من خلال الوثائق الكبيرة والتي إستطاع أن يطلع عليها أبناء الشعب العراقي وشعوب المنطقة من خلال علنية المحاكمة وبثها للرأي العام في كل أرجاء العالم .
فهل هذه من مباديء الثورة المزعومة؟! وهل حقق قادة المجلس العدل ؟ وهل صانوا كرامة وحقوق المواطن العراقي ؟ أم أن إعلان إغلاقهم لسجن نقرة السلمان هو جزء هام من سياستهم المبنية على الديماغوجية وغسيل المخ !! التي عاشها المواطن العراقي المغلوب على أمره طيلة ال 35 سنة التي حكموا بها شعبنا الأصيل .
لقد سقطت الأوراق الصفراء للسلطة المقبورة بعد مضي أيام قلائل لحقت إعلانها هذا بالتآمر على من مد لها يد العون فعملت على إزاحتهم من مراكز القرار في 30 تموز وذلك بالتخلص من القادة العسكريين كالنايف والداوود لحقهم التخلص من حردان التكريتي ، وحينما صفا لحزب البعث الجو بمفرده قام بتصفية خيرة كوادر الحزب الشيوعي العراقي قبل أن يصل معه الى إتفاق الجبهه التي إبرمت في تموز عام 1973 ، حيث جرى إغتيال الرفاق عزيز حميد وشاكر محمود ومحمد الخضري وشيخ علي البرزنجي وستار خضير وغيرهم في خطوة دنيئة لإضعاف الحزب ، وبدل سجن النقرة تحول العراق برمته الى سجن كبير ، ولم تخلوا دوائر الأمن وأقبية المخابرات من المناضلين حتى أيام الجبهة وامتلأ العراق بالسجون والمعتقلات السرية التي لا إسم ولا عد لها !!! وأصبحت بحق هي من منجزات ( الثورة ) وأهدافها (الوطنية ! )
تحية لكل الأبطال ، الشهداء والأحياء الذين ذاقوا مرارة سجن نقرة السلمان ! وأتمنى من الحكومة المحافظة على بناياته لكي يصبح مزاراً لأبناء الشعب لتذكيرهم بتلك الحقبة الرهيبة والتي عاصرها بكل مآسيها أبناء وبنات شعبنا العراقي الأبي وأفنى الكثير منهم زهرة شبابه وهو في إنتظار الصباح الذي إنهارت فيه سلطة البعث المقيتة !



 


 

free web counter