| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمير أمين

 

 

 

الخميس 10/4/ 2008

 

"بابا٠٠إنت عراقي؟!"

أمير أمين

كان إهتمامي بمتابعة أحداث الحرب وإنشدادي لشاشة التلفزيون لا سابق لهما في منزلي حيث كنت أسرق من وقت أطفالي بضعة دقائق لمتابعة الأخبار كل ساعة أو ساعتين٠

وفي أحد الأيام وبينما أنا تائه الفكر في المشاهد وتحليل الوضع مع نفسي فوجئت حقآ بأن إبني يكتشف هويتي الوطنية للمرة الأولى! علمآ أنه يعرف أنني عربي من خلال اللغة والبشرة ولون الشعر كما أنه وأخته يعرفان الأطفال العرب ويميزوهم عن أصدقائهم من الأطفال الدانماركيين لنفس الأسباب٠

فبادرني على حين غرة بسؤال مفاجىء: بابا٠أنت عراقي!؟ ( وبراءة الأطفال في عينيه!) وحينما أكدت له ذلك بالإيجاب سألني حالآ: هل أنا حينما أكبر أصير عراقي؟! ( علمآ أنه أكمل السادسة هذا الشهر وولد في الدنمارك ولم ير العراق ،غير أن الحرب التي بدأ يقرأها بعيوني جعلته يهتم بوطنه أو بأصله لا بالجنسية الدنماركية التي يحملها٠٠ولأننا أنا وأمه إفترقنا عن بعض حينما كان في الثالثة من العمر، لذلك لم يتسن لي الوقت الكافي للخوض معه ومع أخته في تفاصيل تخص الوطن الجريح وتركت الأيام لهما لكي يكتشفا ذلك بنفسيهما تدريجيآ، حينذاك يعرفان من نحن، ومن أي بلد جئنا، ولماذا نحن هنا! ٠٠٠وحدث ذلك فعلآ وخصوصآ حينما (إنهالت عشرات النعل) على رأس٠٠( القائد الفلته ) يوم سقط تمثاله وسط بغداد ولم يتعب إبني ذهنه بالتفكير وقال بفخر المعرفة ( بابا هذا مو صدّام يضربونه بالسكو ! ) أي بالحذاء باللغة الدنماركية، فأكملت أخته التي تتمتع بجمال متميّز والتي تصغره بسنة ونصف :إنه صدّام حسين، وضحكت عليه لأنها عرفته وقالت إسمه بالكامل!!

فقمت بتقبيلهما والدمعة أوشكت على الإنحدار قائلآ: بابا صار هسه إحتمال كبير أن نرى العراق ونسافر إليه لأن المجرم ولّى وراح٠٠ وفرحوا معي وكان يومآ عظيمآ ، يوم سقوط الساقط أصلآ! ولكنها أعربا عن الخشية من السفر( لأن في العراق طائرات حربية تقتل الناس مو مثل الهيلكوبتر أو الطائرات ،التي نشاهدها أحيانآ تطير بهدوء في سماء الدنمارك المسالمة٠)٠

إنتهى الموضوع الذي كتبته قبل خمس سنين في العدد الإسبوعي لصحيفة المؤتمر الصادرة في لندن والمرقم ٣٠/٥ -٥/٦/٢٠٠٣ ٠٠ومنذ ذلك اليوم وخلال الخمس سنوات العجاف التي تلته حتى اللحظة ذاق بها شعبنا مر المآسي والمحن والنكبات وعاش مصائب لا نظير لها! حتى جعلت الكثيرين من الناس البسطاء وغيرهم يترحمون على النظام السابق!! ٠٠وخلال هذه السنين إستطعت أن أرى فاتنة المدن بغداد الحبيبة مرتين بعد أن عجز أطفالي من محاولاتهم منعي من السفر تارة بالبكاء وأخرى بالتهديد - بعدم الحب - والزعل إن سافرت للعراق خوفآ علىّ من القتل - على يد الإرهابيين - كما كانوا يذكرون ، لأنهم بدأوا يكبرون مع الأحداث وعيونهم شاخصة على شاشة التلفزيون تنظر بذهول للوحوش البشرية وهي تفتك ببعضها الآخر بشكل يومي مثير للقرف والمخاوف والآلام ، وينعكس ذلك المشهد الدامي ، ( والذي أحاول دائمآ أن لا يروه ) على أحلامهم ومخاوفهم علىّ وعلى العراق بشكل عام ! وأحاول التخفيف منه بأن أصطحبهم معي سنويآ لحفل تأسيس الحزب الشيوعي العراقي أو غيره من المناسبات الوطنية فأراهم قد عادوا مجددآ ممتلئين بالأمل ! وقد تشبعوا بحب العراق الجديد الذي يحمله الشيوعيون في قلوبهم وبين جوانحهم ! ٠

 

free web counter