| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أحمد عبد مراد

 

 

 

                                                                                  الأربعاء 7/12/ 2011



طلعوا من المولد بلا حمص

احمد عبد مراد  

شباب وضعوا ارواحهم فوق اكفهم وخرجوا الى الشوارع والساحات غير آبهين بنيران بنادق ودبابات ومختلف اسلحة حكامهم المستبدين بكل شئ والمسيطرين على البلاد والعباد ،هذا الجيل الذي سحقه الظلم والجبروت وحاصره العوز والفاقة، وبعدما سئم ومل الاساليب التقليدية في التظلم والتوسل الى حكامه عسى ان يحققوا له النذر اليسير في تحسين الاحوال المضنية وظروف العيش القاسية التى اصبحت لا تلائم ابسط الاحتياجات بل ولا تشابه حياة البشرية المتمدنة ولا تمت لها بشيئ (بعد ان رأوا وسمعوا ان كلاب اوربا لها ارقام كما لاصحابها ولها مستشفياتها الخاصة ولها حصة من الصندوق الاجتماعي كما للاخرين من البشر بل لها مقابرها الخاصة وتتم زيارة تلك المقابر وتوضع الورود فوق قبورها، وفوق كل ذلك يمنع التحرش بها او ضربها او حتى استفزازها) فاين ظروف حياة شبابنا وناسنا من تلك الظروف ؟ الم يفكر حكامنا ولو لمرة واحدة بما ستؤول اليه الاحوال والظروف؟ ولماذا اعمتهم غطرستهم وجبروتهم من ان يروا ما حولهم وعلى الاقل يفكروا ولو لمرة واحدة بمصائرهم من اجل استمرار ودوام نعمتهم واقاربهم والمحيطين بهم وزبانيتهم من الزوال؟

وفي الواقع لم يخيل لاحدهم ان الشباب المتسكع في الشوارع والذي يركض وراء رغيف الخبز ويتعرض للاهانة والصد والرد والسب والشتم اذا ما فكر المطالبة بجزء يسير من حقوقه كمواطن خدم الوطن ودافع عن حياضه واستشهد على ارضه كل هذا وذاك ما كان في حساب الحكام العرب ولم يدر في خلدهم الى ان جاء اليوم الموعود الذى ارغم زين العابدين بن علي ان يخاطب الشباب قائلا (انا الان فهمتكم ، او الرئيس مبارك عندما خاطب الناس وبعد ان فات الاوان بانه لم يفكر بالترشح لفترة رئاسية اخرى اما فرعون ليبيا فهذا اصم ابكم واعمى بصيرة عندما خاطب الثوارصارخا باعلى صوته من انتم؟ واصفاً اياهم بالجرذان .)

شباب الثورة من امثال (البوعزيزي في تونس ووائل غنيم في مصر) وغيرهم الملايين من الشباب الثائر اين هم الان وما هو موقعهم في الثورة المنتصرة وهل استردوا حقوقهم وكرامتهم وهل حققوا امانيهم وما ثاروا من اجله؟ طبعا الجواب كلا (لقد خرجوا من المولد بلا حمص) كما يقول المثل ، لقد تسللت القوى الاشد ظلامية بين صفوف الشباب الثائر في الشوارع والساحات واخذت تذر الرماد في العيون وجنحت الى اساليبها المعروفة فراحت تكبر وتهلل وتقيم الصلوات في الاماكن العامة ونزل دهاقنة الظلاميين ليهندسوا خارطة الزحف المبرمج على الثورة والثوار بقصد سرقة ثورتهم وافراغها من محتواها التحرري التقدمي الديمقراطي مستغلين عفوية الجماهير وضعف تجربتها وفقدانها تنظيمها وقيادتها وعدم معرفة اهمية ان يكون للثورة تنظيم وقيادة ورئاسة اركان .

اعتمدوا العفوية والمزاجية الثورية والتعبئة والحشد السياسي وفاتهم الاهم الا وهو انهم بحاجة الى التنظيم السياسي وفوق هذا وذاك قاطعوا الانتخابات فبدلا من دعم الاحزاب الديمقراطية التقدمية الليبرالية راحوا متمسكين بالتظاهر والاعتصام وتقديم المزيد من الشهداء والضحايا في التوقيت الخطأ وتركوا الساحة للقوى الظلامية السلفية والاخوان المسلمين اصحاب التنظيم والتجربة والاموال واستغلال الدين والخطاب الحماسي وايهام الناس بالشعارات الوهمية والغيبية ورفع القرآن والتستر المزيف وراءه ، وعلى الطرف الاخر لم تتمكن الاحزاب الليبرالية من لملمة صفوفها ولم تتمكن من اقناع الشباب بخطابها السياسي بهدف حشدهم الى جانبها في الوقت الذي ساد تلك الاحزاب الارتباك والتمزق والتبعثر وعدم القدرة على الحشد الجماهيري وافتقارهم الى البرنامج السياسي المقنع وهذا ما آل بالثورات من ان تقع لقمة سائغة بيد السلفيين وفلول القاعدة .. ولنعود ونكرر لقد خرج الشباب من المولد بلا حمص ، وهم الان مطالبين بمراجعة نقدية جادة لما وصلت اليه الامور وآلت اليه المآلات من اجل القيام بثورة تصحيحية تطيح بالظلام لكي تتوهج شعلة الحرية وتعاد الحقوق الى اصحابها وهم الشباب الثائر .
 

free web counter