| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أحمد عبد مراد

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 31/1/ 2012



اخرجوا من قمقم الطائفية الى فضاء الوطنية

احمد عبد مراد  

ليس عيبا اونقيصة ان تكون من هذه الطائفة او تلك وليس عيبا كذلك ان كنت منتسبا الى هذه القومية اوغيرها، اوكنت قد ولدت في الشمال او الجنوب، ان كل انسان يفتخر ويعتز بوجوده ومكانته الاجتماعية ان جاء الى هذه الدنيا ابيضا او اسودا اوملونا فالجميع يتمتع بنفس الصفات الانسانية التي تميزه عن بقية الكائنات الحية الاخرى على وجه الارض ، فهو الذي يفكر ويخطط ويعمل وهو الذي يتمتع بالصفات الانسانية النبيلة كالاعتزاز بالشرف والكرامة والعزة والنبل والاخلاق الحميدة والشهامة والكرم ويصون الامانة ويدافع عن الارض والعرض والمال ان كل هذه الصفات وغيرها الكثيرهي المشتركات البشرية والانسانية التي تميز الانسان عن بقية المخلوقات الاخرى على كوكبنا...ولكن العيب كله والجهل كله والنقيصة كلها عندما يستقوي شخصا ما اومجموعة ما بطائفته اوقوميته اومذهبه ويوضف ذلك سياسيا اواجتماعيا للنيل من بقية ابناء شعبه والاستعلاء عليهم ومحاولة اذلالهم وامتهان كرامتهم وطمس حقوقهم المشروعة حيث يعتقد البعض اوتعتقد مجموعة بشرية ما على انها متميزة على غيرها بافضليات حباها الله بها دون غيرها وبالتالى فضلها على الاخرين .

في عراق ما بعد المقبور صدام حسين وحزبه سيء السمعة ، طلع علينا اناس كدنا ان نقول انهم ليسوا منا كعراقيين وذلك لما فاجئونا به من خطاب نشاز غريب على مسامعنا لم نألفه ولم نتكيف معه ولم نستسلم اونذعن له مع كل محاولات الحكم المباد الذي كان يمارسه بخفاء اواستحياء اوانكار بهدف تكريسه وغرسه في المجتمع تدريجيا وجعله امرا واقعا وشائعا او عرفا من الاعراف الاجتماعية السائدة ذلك الخطاب السياسي الطائفي والمذهبي والاثني الخطير الذي كاد ان يطيح بكل منجزات المجتمع العراقي والمتمثلة بالتعايش السلمي الاجتماعي بين الطوائف والاديان والاثنيات المختلفة التي طالما تعايشت على هذه التربة منذ تاريخ عميق وطويل كدنا ان ننسى في خضمه الحزازات والخصومات والمهاترات والانعزالات المذهبية والطائفية والاثنية وكاد حب العراق ان يجمع كل العراقيين على التفاهم والمودة والخير والبركة بغض النظر عن اللون والجنس والطائفة وكانت ولا زالت العديد من مدننا تتسم بالتعايش الاثني والاممي فالبصرة مثلا عاش فيها وتربى الى جانب العراقيين اصحاب الارض الاصليين كل من الهنود والباكستانين والايرانيين واليهود ولم نسأل يوما ما عن مذهب اودين اومعتقد اوطائفة هذا اوذاك ممن كانوا يعيشون معنا بل كان معيارنا حب العراق والاخلاص له والدفاع عنه ،لقد كانت انسانية الانسان وخلقه ومواقفه هي المعيار الذي نتوقف عنده في تقييم افراد او جماعات ما، الى ان فوجئنا بالسياسة الطائفية المقيتة التي مارسها نظام صدام حسين في حملته الطائفية الظالمة التي شملت مئات الالوف من العراقيين في تهجيرهم ورميهم على الحدود العراقية الايرانية بعد سجن وتعذيب وقتل الكثير منهم رجالا ونساء على حد سواء.

وفي الوقت الذي كنا نتطلع فيه الى نظام جديد ينشأ ويتكون على اساس المواطنة الحقة واعادة الحق الى اصحابه ونبذ الفرقة والابتعاد عن النعرات الطائفية المذهبية والاثنية والعيش بسلام وامان ومحبة العراقيين لبعضهم البعض على مختلف مشاربهم واختلافاتهم بعد ان اكتووا وذاقوا الامرين من سياسات النظام السابق واذا بنا نقع في مستنقع عفن مليئ بالاحقاد والانانية والكراهية والاستحواذية والهرولة، بل الركض المراثوني للاستيلاء على مقدرات الشعب العراقي وخيراته وممتلكاته العامة دون وجه حق، واشاعة روحية الاقصاء العدائية ومحاولة السيطرة على كل شيء تطالها ايدي المتمكنين الجدد الذين استولوا على الحكم عن طريق صعود احزابهم المزورة لارادة الناس عبر استخدام الدين والمذهب والتستر وراءه واشعار الناس بأنهم في خطر دائم يكاد ان يطيح بهم ويعرضهم الى الويلات والمصائب ان لم يتكتلوا وراء احزابهم الطائفية وسياساتها المدمرة التي كانت من نتائجها توريط العراقيين في حرب طائفية لم تنجم عنها غير الويلات والمعانات المستمرة بينما ينعم تجار الحرب وامرائها بالخيرات والملذات الشخصية والفئوية ،في الوقت الذي جعلوا فيه العراق مرتعا ومأوا وحقل تجارب لزمر القاعدة والارهابيين وتدخلات دول الجوار.

ان محاولات الاحزاب الطائفية تبرئة سياستها بالغاء اللوم على بعضها وكيل الاتهامات والنعوت المختلفة والصاقها بالاخر لايجدي نفعا ولايمكن ان ينطلي على الشعب العراقي الى ما لانهاية فقد مل الناس الخطاب السياسي الطائفي واصبح هاجسهم وحديثم اليومي ومحط سخريتهم واستيائهم الدائم بل اكثر من ذلك فقد شخص الناس ان السبب الاساس في تعطيل تقدم العملية السياسية وعدم احراز اية اصلاحات تذكر سواءعلى المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي سببه الاول والاخير الى تطاحن الاحزاب المتنفذة والمهيمنة على مقاليد الامور والتي ما انفكت من استخدام اية وسيلة متاحة لها في السيطرة المطلقة على كل شيء بغية تحقيق اهدافها الانانية الضيقة القائمة على الطائفية والمذهبية والمحاصصة والجهوية والاثنية غير آبهين بما يعانيه ابناء الشعب العراقي من حرمان واذلال ومهانة وتجويع على ايدي احزابهم وبسبب سياستهم الرعناء.

ان التخندق الطائفي المتمثل بالاحزاب الطائفية هو السبب الاساس في الصراع والتطاحن الذي يهدد كل الاسس الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مجتمعنا المتنوع في تشكيلته الطائفية والقومية وسيظل ذلك السبب هو الخطر المحدق الذي يلازمنا ما لم تحدث تلك الاحزاب المشار اليها نقلة نوعية في تركيبتها وذلك بخروجها من القمقم الطائفي الى فضاء الوطنية لتحتضن في جنبات صفوفها كل ابناء الشعب العراقي على اختلاف انتماءاتهم القومية والمذهبية والعرقية دون اي شكل من اشكال التمييز،وعدى ذلك ستظل دوامة الاحداث السياسية تكرر نفسها باشكال والوان مختلفة ولكن اساسها يظل واحد..وستظل المحاولات الترقيعية من اشكال جمع الفرقاء على مائدة دسمة مستديرة او مستطيلة او بوس اللحى اوعقد المؤتمرات الوطنية ،عديمة الجدوى والفائدة ما دام اس المعضلة موجود.

 

free web counter