| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أحمد عبد مراد

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 20/12/ 2011



الرهان على استقلالية القضاء العراقي

احمد عبد مراد  

منذ بدء العملية السياسية تتبادل القوى والاحزاب المتنفذة في الدولة والسلطة الشكوك والاتهامات فيما بينها بالضلوع في عمليات ارهابية تقوم بها هذه الحماية او تلك الميليشيات المعشعشة في اجهزة الدولة العراقية ،في الوقت الذي تذهب فيه بعض الاوساط لتوجيه اللوم والاتهام للقوات الامريكية في اثارة البلبلة والفتن وعمليات الاغتيال بغية تنفيذ اجندة امريكية معينة ، فهل خطط المحتل الامريكي لاحداث هذا الشرخ العميق بعيد انسحابه مباشرة من العراق ليثبت للجميع بأن الوجود الامريكي كان صمام الامان لديمومة العملية السياسية وان خروجه من العراق سيدخل البلاد بدوامة سياسية ليس لها اول ولا آخر .

لقد عاد السيد المالكي للتو من زيارته لامريكا فهل حصل على الدعم الكافي الذي يتيح له توجيه هذه الضربة الموجعة لخصومه السياسيين وهل لمح له احدا من بعيد او قريب بامكانية القيام بمثل هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر على الجميع وهل توقيت هذه الخطوة جاء بالمكان والزمان الصحيحين ،في الوقت الذي تتعالى الدعوات والصيحات للحوارات والتفاهمات السياسية وعقد مؤتمرات الحوار ومواثيق الشرف والمصالحة وجمع الكلمة وتفويت الفرصة على اعداء العملية السياسية ام ان قضايا الارهاب والقتل والطعن تحت الحزام والتآمر هي من الاعمال التي لا يمكن السكوت عليها (وهي كذلك طبعا) ، ولكن التساؤل المطروح دوما هو ان ما حصل وما كشف الستار عنه هو ليس الاول من نوعه وان كان السكوت على ما سبقته من احداث مماثلة ربما بضغط امريكي فهل يصح الاستمرار على هذا النهج الذي يسترخص الدماء العراقية ،هذا امر لا يمكن السكوت عنه او التستر عليه مما يتطلب قطع دابره وعدم تكرار ما حصل في قضايا مماثلة كامثال ناصر الجنابي وعدنان الدليمي ومن هم على هذه الشاكلة ، فكم من اللجان شكلت للتحقيق بقضايا الارهاب والاغتيالات ولم تظهر اية نتائج لتلك اللجان التحقيقية..لقد اثير الكثير من علامات الاستفهام والاتهامات الصريحة بأنتهاكات صارخة لحمايات المسؤولين وعدم التزامهم بالقوانين والاعراف واعتداءاتهم المتكررة على المواطنين او التصادم فيما بينها .

وليس من المستغرب ان تتهم تلك الحمايات بالقيام بتنفيذ الاعمال الارهابية خصوصا وان تلك الاعمال تجري في وضح النهار وامام مرأى ومسمع الجميع دون تمكن اجهزة الدولة من القاء القبض عليها وكثيرا ما وجهت الاتهامات لاجهزة موجودة داخل الدولة هي التي تنفذ تلك الاعمال سواء كانت من الحمايات او المليشيات المتوارية خلف المناصب والمراكز الحكومية المتنفذة في دهاليز الدولة العراقية.

وبعد كل ما حصل من اعترافات المتهمين علنا واتهام طارق الهاشمي بقيادة تلك المجاميع وصدور مذكرة توقيف قضائية بحقه اضافة الى مطالبة رئيس الوزراء بأقالة المطلك الذي اتهم المالكي بالاشد دكتاتورية من صدام بل الاسوأ منه، والحق هنا يقال لا يستحق المطلك ان يجلس على يسار رئيس الوزراء بعدما نعته بأنه اسوأ من الطاغية صدام ، وبعد كل تلك الاحداث المتسارعة والتي تمت بعد عودة المالكي من زيارته لامريكا وتفجر الموقف على هذه الصورة وعلى هذه الدرجة من الخطورة لابد من التساؤل كذلك هل نسق المالكي مع حلفائه بما يكفي ويتناسب مع الحدث وهل اطلع رئيس الجمهورية واقطاب العملية السياسية على مجريات الاحداث قبل اتخاذ مثل تلك الاجراءات خصوصا وان وضع العراق له خصوصيته ام انه اعتمد على صلاحياته كرئيس وزراء وعلى قوته وكتلته مجتمعة .

والان وبعد صدور مذكرة القاء القبض على طارق الهاشمي من مجلس القضاء الاعلى وموقعة من خمسة من القضاة فليس من السهولة التراجع عن تلك المذكرة والّا يصبح الامر استهتارا بحق الشعب العراقي ويصبح القضاء موقع سخرية وتندر.

الهاشمي الان عالقا في كردستان وقد يسبب وجوده هناك احراجا شديدا لرئيس الجمهورية وحكومة الاقليم فهو ضيفا غير مرحب به وان لم يعلن عن ذلك وان مطالبته بنقل محاكمته الى اقليم كردستان سوف ترفض حتما من القضاء والحكومة ، والقائمة العراقية علقت حضورها في جلسات البرلمان والحكومة وتهدد بالخروج من العملية السياسية برمتها، اما دولة القانون فتنحى نحو تشكيل حكومة اغلبية وهذا لا يسر بل يخيف القائمة العراقية فهي الان شريكة ولها غالبية الوزارات وتشكو من العزلة والتهميش فكيف الحال وهي في المعارضة واذا كان بالامكان حلحلة قضية تهجم صالح المطلك وقد يكون من خلال اعتذاره للسيد المالكي فليس من السهل حلحلة قضية طارق الهاشمي المتهم وفق المادة 4 ارهاب ...ان مثول الهاشمي امام القانون هو انقاذ لسمعة ومكانة واستقلالية القضاء العراقي وبعكس ذلك تصبح الحكومة والدولة والقضاء مهزلة ونكتة يتندر بها الشارع العراقي والعربي.

 

free web counter