| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أسامه عبدالكريم

 

 

 

الخميس 27/3/ 2010

 

الفنان التشكيلي غسان محسن يعرض (ليلة عراقية)
في صالة (رمانة) بمدينة نيويورك

أسامة عبد الكريم

الفن هو الشوق إلى الوطن
غسان محسن ( م. الناصرية 1945 ) فنان تشكيلي متميز له عدة معارض حيث بدات منذ العام 1982 , في بغداد و باكستان والهند والقاهرة وفرنسا و البحرين, مع ان عمله في السلك الدبلوماسي لم يبعده عن ممارسة مواهبه المتعددة في النحت و الخط والغناء ,لهذا فهو من اقل التشكيلين العراقيين بحثا عن الأضواء ,كأنه في عزلة المتصوفين , إذ يترك لإبداعه مهمة نسيج العلاقة مع المتلقي الذي لم يخيب ظنه,فيقول الفنان غسان: (انني اعطي توازن للتقنية في العمل الفني والبحث عن اسلوب المتميز مع حتمية العمل على مواصلة وتماسك بالتراث الثقافي في وطني).

تميزت لوحات غسان بالالوان الزاهية التي تعكس وجها من طبيعة بلاده , حيث ينسج منمنمته الحديثة مصحوبة بزخارف الفسيفسائية وتنويعات مبعثرة دون التكرار ,واضعا له خلفية بالالوان نرجسية تصارع غموض و طقوس الأكوارال لتتخلص من الخطايا المستحيلة التي يرمز لها محسن باللون الاسود او الرمادي عن الماضي وادخال البديل باللون الابيض, لكي تستعير لوحته عبق الحنين الى الوطن , وهكذا يتوالى رسمه بثلاث عناصر تشكيلية : التزويق والمعمار والخط العربي ومزجها ببراعة كاننا نشم عبق الروائح النهر والنخيل كما في لوحة (بين الضفتين)، فالفنان محسن لم يرسم النخلة او النهرين بشكل انشائي لكنه رسمها بطريقة ابتكارية تقترب الى التجريد التعبيري ـ الغنائي مع انتقاء خطوط عربية ضبابية او رمادية او مذهبة على مهاد احمر غامق وعلى سطوح لونية ثخينة ومتعرجة تتداخل مع الاشكال الهندسية وعلامات تشبه الكتابة السومرية ورموز وخطوط مما يعطي سطح خشن مهوش نتيجة لاختلاف منسوب السطوح المدركة على اللوحة, فتتبلور كانها صورة عالم تخيلي غير مرئي رائق . ومن جانب آخر فهو يبني اشكالا ذات مساحات لونية بشكل عفوي ,مستخدم اللون الابيض والاصفر المخضر تشبه ورق النخيل متراصه واحدة تلو الأخرى كانها قطعة قماش ترفرف في الهواء مثل الستار الذي يحركه الهواء خلال مساحة لونية مستديرة الشكل تزينة تطريزات كثيرة بنفسجيات وحمراء وصفراء ومحدد باللون الذهبي الفاتح الذي يغسل خط الغبار الحزين في الضفة الاخرى من النهر اوالشارع او فوق عتبة الباب , فتصبح اللوحة تضيء لإجلاء العتمة عن سطح اللوحة .

ويبرر محسن مزجه للألوان الداكنة وكثافتها في قسم من لوحاته المعروضة التي رسمها قبل خمسة سنوات قائلا (انا دائم البحث والتجريب ,واعمالي السابقة علمتني الصبر) ,لهذا هو ينتحى إلى اسلوب اكثر تعقيداَ باختزان المؤثرات والأخيلة والهواجس داخله مشوب بعالم ميتافيزيقي لخرافات الماضي السحيق ,ونرى الفنان أوجد تتممات اللون الاسود ومشتقاته الذي يلعب دورا مهما في تأكيد التفاصيل في ارضية الخاصة بالتكوين ,فمنتصف التكوين به اشكال مجردة توحي للمتلقي شبه حيوان اسطورى ــ ذا لون قهوائي واحمر مائل الى البنفسجي محدد بالخط الرفيع الاسود في اعطاء التفاصيل المتميزة في تجريدية معقدة ــ مصاب بالسهام يركض بين اشجار قطعت بفعل أيدي مخربة في وسط الغابة, تصاحبها خلفية باللون البني والاخضر الداكنين في رؤيا درامية حزينة التي تشبه المقامات الموسيقية.

اما اعماله الفنية الاخيرة ,يمكن القول مرسومة بتواضع , بمعنى أنها استلهمت اسلوبها من رغبة داخلية صادقة , مدها بالشئ المهم ألا وهو الثقة في النفس , واعطاء صفة البساطة ومسحة الاحلام والنقاء والتلقائية والتي تذكرني باعمال الستينات للفنان العراقي شاكر آلسعيد , مشحونة بحالة نفسية تصوفية ناتجة من تأثير حنينه إلى الوطن,فنرى تميز اسلوبه باستخدامه الاصفر ومشتقاته الذي غلب على بعض اعماله , وكذلك اللون الأخضر الكرومي , والاحمر البهيج والأزرق الداكن في تحديد الخطوط الخارجية للأشكال والمساحات الملونة مرسومة بضربات الفرشاة سريعة المحدثة نقاط مخلوطة بالاحمر الغامق او اي لون حسب ــ هارمونية ــ الابصار والحواس المتمثلة في عناصر الطبيعة , فتبدو الألوان في وضوح كموسيقى تعيد إنتاج روح الأشياء .. كأنه تأثر باحساس الفسيفساء والرسوم الجدارية القديمة.









 

free web counter