| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أسامه عبدالكريم

 

 

 

الخميس 26/8/ 2010

 

اعمال فيديوية للفنان العراقي عادل عابدين :
ازدواجية نادرة في العاطفة والعقل

أسامة عبد الكريم

عندما اصبحت آلة الفيديو في منتصف القرن العشرين , بمتناول جمهور عريض من الناس , سمحت بولادة حقل جديد من التجريب الفني التي أسست للتكنولوجيا الرقمية , بحكم رخص شراء الكاميرا المحمولة وسهولة التنقل ,ومعالجة مادته السريعة للمونتاج و تقنية التكرار, ويمكن ان نعتبر فن الفيديو عبارة عن تخطيطات اولية لشريط السينمائي, او كوسيط نموذجي لمعالجة مواضيع بالتصوير الواقعي او عبر المناظر الداخلية او الخارجية في الاستيديو عن علاقة الانسان بالبيئة, وايضا يستطيع فن الفيديو ان يعبر عن أفكار ومشاعر متعددة في نفس الوقت, وان المتلقي ان كان متذوق فن الفيديو او السينما ,قد اتخذ محاولة ملئ من المعلومات كوسيلة تعبير عن المشاهدة للوصول الى إدراك الجمال إدراكاً حسياً من خلال إلفة التكوين المرئي بواسطة استخدام الدرجات اللونية والظلال والنور والنحت وحركة الايحائية والفن الرقمي وكثافة الدرامية ـ الشعرية والرموز والكنايات التي تجتمع على شكل قرص المرقم ( سي دي, دي في دي) او شريط فيلم ( 8 ملم , 16 ملم ) الصوتي ـ المرئي .

تشكل تجربة الفنان عادل عابدين ( م.1973, بغداد ) , الذي يعيش ويعمل في فنلندا ـ مثل فنلندا في بينالة البندقية 2007 ـ من خلال ستة اعمال فنية عرضها مؤخرا في مدينة نيويورك, عن تداعيات الحرب التي تجمع ما بين التجهيزات (التركيب) الفيديو والافلام القصيرة وفن النيون الضوئي, واحدة من التجارب الفنانين العراقيين في المهجر , الذي وقع على جماليات اللون الأبيض والاسود وبساطة اللغة السينمائية مع معالجة مواضيعه الخصبة و بلاغة السخرية المتهكمة,عن ذنوب تداعيات الحرب على العراق , لما تعرضت له النفس العراقية الى انتكاسة بعد ظهور جماعات طائفية وظاهرة القتل على الهوية.

نتاجات ( عابدين ) ما بعد الحرب تعكس بمزاجية حادة , ومنظور رمزي مبطن مشحون بعناصر درامية جديدة وبروح النقدية لاذعة عن كارثة مدينة بغداد العباسية التي دمرتها القنابل الملوثة والبنايات المحطمة والجسور المهمشة واعمدة الكهرباء الملتوية , ووجد رؤاه الداخلية لتعكس ايضاً الاستجابات الانسانية كالخوف والاحباط وتهجم بدون تبريرات , كما نجد العمل الفني لعابدي ( لذيذ, 2007) كرمز موضوعي, وهوعبارة عن مسجد مبني من قطع مكعبات من السكر ,استخدم بشكل مرئي على صناديق مكعبات صغيرة من ورق المقوى تشبه قطع السكر و مرصوصة كأنها شاشة عرض سينمائية , ثم ما يلبث ان يخرج النمل الاسود من جوانب المشهد , و النمل من نوع الكبير الذي يتحرك بسرعة نحو قطع السكر مما يخلق قوة درامية اكثر إثارة للاهتمام من منظر المسجد فتصبح استعارة للوضع الروحي للفنان عابدين.

في كل ميزة من ميزات اعماله الفيديوية , فهو موثوق بماضي الفن العراقي وحاضره كون تفاعله بمزاجيات الحداثة , ليس على الصعيد استخدام ثورة الاتصال البصري ( التكنولوجيا ) وانما هو القدرة على عكس اشياء وظواهر العالم الخارجي ذاتها حيث تظهر تطور ادراكنا كمشاهدين وهذا يشكل الارتكازات في غرائز تنظم العالم النفسي للفنان العراقي. ففي عمله النيون الضوئي الذي يحمل اسم ( أنا آسف ,2005 ) , طّور المغزى السايكولوجي , عندما استخدم الصندوق المستطيل ومكتوب عليه باللغة الانكليزي (أنا آسف ) وتحيط من حوله مصابيح بثلاث الوان (الابيض والازرق والاحمر) جميعها تشتعل بدائرة التوالى الالكترونية مع المزامنة بين انطلاق صوت يردد (انا آسف ) وانوار المصابيح ,ويقول عابدين : " من خلال زيارتي الاخيرة الى الولايات المتحدة التقيت الكثير من الناس ذا مستويات متباينة بالثقافة وكل من عرف اني عراقي يقدمون لى اسفهم على ماحصل عن الوضع في العراق لهذه قدمت فكرة الموضوع (انا آسف ) لجلب اهتمام وخيال اكبر كي تجبر العين والاذآن على التركيز على كلمتي انا آسف.

واما التجهيز والفيديو المثبت (رغوة ,2007 ) فهو يمثل اسلوب تصوير الحرب تعامل الفنان عابدين بقوة في التعبير عن وجه الانسان وهيئته مانحاً اياه نابض بالحياة وبعيد عن المفهوم التقليدي,فنشاهد صبي يضع رغوة صابون الحلاق على بالون اسود مربوط بكرسي الحلاقة , ثم يقوم الصبي بحلاقة البالون بواسطة موس الحلاقة , واثناء الحلاق ينفجر البالون ويتغير لون كرس الحلاقة من اللون الابيض والاسود الى اللون الاحمر , نحن لا نشاهد رجل او امراة يفجر نفسة او تفجر نفسها في وسط سوق شعبي او يقومون بطقوس ذبح الحيوانات او استخدام المسدس كاتم الصوت ويسيل الدم الحزين على قميص الابيض للضحية ثم الى ارضية مقعد الخلفي للسيارة كما حدث للشهيد كامل شياع , نحن نتتبع المشهد على شاشة غرفة العرض ونلاحظ على الجدارين المقابلين ارواق مستنسخة لوثائق شخصية وجوازات سفر لشهداء سقطوا نتيجة عصابات اجرامية لها غرائز بهيمية التي استغلت الدين .

 

free web counter