| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أسامه عبدالكريم

 

 

 

الثلاثاء 1/12/ 2009

 

الرسام جبرعلوان يعرض اعماله الفنية تحت عنوان ( المقاهي ) في صالة ( بيت الفن ) بدمشق
النور والظل يقاومان الوحدة

أسامة عبد الكريم

" ... مدن تتقافز من صباحات محاصرَة
تحمل متسكعين وغرقى
تحمل مقاهي
ربما جلس فيها ذات يوم
عشاق و مقاتلون في حروب عبثية
 "
                                           
 سيف الرحبي

كل فنان مبدع له دوره ان يعاني من الدوافع والرغبات المتوهجة الكامنة معينة بحاجة لاشباعها: كالمجد والشهرة وحب النساء حب السفر ونديم الجلسة والمكان وغيرها من اللذات التي لا تتوقف عند حد معين من عنصر التخيل للفنان, ان كانت في احلام اليقظة او النوم, وهذا يتبع لانتماء الفنان لبنية ثقافية متنوعة ضمن علاقات الاجتماعية التي تتميز بها معظم دول العالم . والرسام التشكيلي جبر علوان (مواليد العراق /1947), يمتلك شعور من الاتصال الطبيعي مع الاشياء والمكان مكتشفها في محيط منزله المتنقل, من بيت ام جبر في مدينة المحاويل (العراق) الى مدينة روما ( ايطاليا) ثم الى مدينة دمشق ( سوريا ), فهو يرسم وجوه يداعبها التأمل , مع بروز حركة الجسد في عتمة صالة المقهى بين رائحة التبغ والقهوة والشاي والموسيقى كلها تتجمع بين العناصر الطبيعية من المواد الشخصية مثل الملابس والاغطية واسقاطات الحزمة النورية ,لكي يصوغ علوان الافكار البصرية ضمن العملية الابداعية كرد على الأشكال التشخيصية والتراكيبات التي ينجذب اليها , ثم يعيد الى الاذهان ذكريات المكان والمنفى والوطن , وتحويلها الى السرد الفردية , او سر الحياة اليومية بعد عملية خلق الشخوص البصرية لكي يتعمق في قدسية المكان.

لدى علوان (28) عمل فني لميزة الأماكن المقهى, لانه مهتم في اللوحة والتاريخ والذاكرة ضمن وجهة نظر جديدة ( التشخيص الحداثي) من اللوحة مع العاطفة في عصرنا , فهو يحول الأماكن الحقيقية إلى أماكن ميتافيزيقية : حول العقل والروح , وليس في أي مكان, فالوانه ليلية كأننا اما في مشهد درامي من اجل رسم حركة درامية غير مصطنعة, بحيث يتطلب التعبير عن شيء أكثرمن مجرد الدراسة الاكاديمية لضبط نسب التشريح, لكن قوة بناء اللوحة (التكنيك) ادى الى حدوث التغير بالعمل على استخدام اللون لاحداث تأثيرات عن طريق الالتجاء الى الخط النحتي للحصول على وسائل فعالة لتسجيل اللحظة التعبيرية لحركة الجسد وتمثيل النور مسلط على اشخاصه الجالسين على الاريكة في استرخاء وتأمل او هناك حوار خافت بين رجل وامرأة (لوحة همس وموسيقى,2008 , اكريليك على القماش ) و( لون الهمس ,2008 , اكريليك على القماش ) ، تذكرنا باجواء الفنان الفرنسي لوتوز لوترك الذي يرسم نفسه في بعض لوحاته وتخطيطاته ويشارك الاخرين في وسط الجلسة او اطرافها, انها علاقات انسانية مع الاخرين ممزوجة بحالة خشوع ودمثة رقيقة, مع عاطفة مغلفة بلهفة الحنين, وليس من شك في الخبرة المتراكمة عند الفنان علوان الذي درج على لوحاته ( التشخيصية ) التي اكتسبت قيمة جمالية عالية لا تقل كمالاً.

ينقل إلينا الفنان علوان روح التألق والانشراح حينما تصبح ألوانه التي لا تعني لبعضها بدون وظيفة معينة الى القوة التعبيرية .ولنأخذ على سبيل المثال لوحة ( في المقهي الشرقية,2008,اكريليك على القماش ) يرسم علوان عازف العود في حالة انسجام تتدفق الالوان المتوهجة خلال النور المسلط من سقف صالة المقهى على وجه العازف بحيث نرى ملامحه ويده في حالة حركة فالضوء يتلاشي على ملامح الجالسين بين اللون الازرق الغامق الممزوج مع اللون البني , ليمتد الى النوافذ لخلق جو خيالي عبر ضربات بالفرشة لا تعتمد على احادية اللون الأزرق بل لصنع تقنية غير تقليدية عبر هرمونات الالوان كالاحمر الصارخ والاصفر والازرق ومشتقاته, فيرسم اللون بخط نحتي على سطح اللوحة بتلقائية معتمد على التخييل ليمزج مع حركة ضربات الفرشاة , , بحيث يحاول علوان ان يعطي الضوء على اشخاصه في حالة السكينة والطرب ضمن العنصر التعبيري اي اللحظة الانفعالية المعينة , فيصبح سطح اللوحة دسم و ثخين من الالوان وعلى شكل طبقات لونية لا تتشابه بينهما, وكذلك اعطاء الأمل لهذه اللوحة عن الظل , والظل والنور لكي يبني علاقة روحانية كما تذكرنا بالفنان الهولندي رامبرانت , لهذا يعتمد على قدرة الفنان علوان على التركيز في رسم اللوحة التي قد تكون بطيئة معتمدة على الاحجام وقد تأخذ اسبوعين على الاقل او مدة شهر . وحينما يتطلع المرء الذي يكون قد تعلم كيف يرى او يدرك اي عمل فني ( اللوحة التشكيلية او النحت ) فانه لابد واجد في لوحات علوان خاصية عراقية , فهو بدوره ــ المرء ــ يتعاطف مع اللوحات ضمن تفسيراته المختلفة , فهو غير ملزم للذهاب الى المقهى ويشعر المكان.

 


 

free web counter